حاكم الشارقة يفتتح مركز الدراسات العربية في جامعة كويمبرا البرتغالية ويطلق مكتبة جوانينا الرقمية

- القاسمي وقّع كتاب «رحلة بالغة الأهمية» باللغات العربية والإنجليزية والبرتغالية وأهدى مكتبة جوانينا مخطوطة باربوزا النادرة التي تعود للعام 1565
افتتح صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، مركز الدراسات العربية في جامعة كويمبرا البرتغالية، والذي يعد أول مركز يعنى بتعليم اللغة والثقافة العربية في البرتغال، ويقع في إحدى أقدم وأعرق الجامعات في أوروبا، وأطلق سموه مكتبة جوانينا الرقمية، كما أهدى المكتبة مخطوطة باربوزا النادرة التي تعود للعام 1565، ووقع سموه كتابه «رحلة بالغة الأهمية» الذي جاء بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والبرتغالية.
وتفضل سموه بإزاحة الستار عن اللوح التذكاري إيذانا بافتتاح مركز الدراسات العربية، ليطلع بعدها على ما يوفره المركز من خدمات ومصادر وبرامج تدعم تعليم العربية ونشر ثقافتها، ملتقيا سموه الطلبة الدارسين في المركز، مشيدا بحرصهم على تعلم اللغة العربية الغنية بمكوناتها وثقافتها وفنونها، مما يعزز من التقاء الثقافات وحفظ إرثها.
ويأتي افتتاح المركز بدعم من إمارة الشارقة في خطوة تعكس رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة نحو تعزيز حضور الثقافة العربية على الساحة الدولية، وتوجه الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة في بناء جسور للحوار الحضاري والمعرفي بين الشرق والغرب.
ويمنح افتتاح المركز في جامعة كويمبرا العريقة، التي تأسست عام 1290، قيمة أكاديمية وثقافية رفيعة، ويجعل منه منصة مؤثرة لتعزيز التواصل بين الثقافة العربية والتجربة الأكاديمية الأوروبية، حيث سينظم المركز برامج متخصصة لتعليم العربية، ويقدم مناهج متقدمة لتعليم قواعد اللغة وخطها، كما سينظم ندوات وملتقيات ثقافية تجمع الكتاب والمبدعين العرب مع نظرائهم في البرتغال وأوروبا، إلى جانب دعوة شعراء وكتاب من العالم العربي للمشاركة في فعاليات أدبية وفكرية، ما يسهم في توسيع آفاق التبادل الثقافي وتعميق التفاهم الإنساني بين العالمين العربي والأوروبي.
ويعد «مركز الدراسات العربية» في جامعة كويمبرا أحدث المبادرات الدولية التي تطلقها إمارة الشارقة لتعزيز حضور الثقافة العربية في المؤسسات الأكاديمية العالمية، حيث سيعمل كحلقة وصل بين الجامعات ومراكز البحث من جهة، والنتاج الثقافي والإبداعي العربي من جهة أخرى، ليكون مركزا حيويا للتعاون والحوار المستمر.
وانتقل بعد ذلك صاحب السمو حاكم الشارقة إلى مكتبة جوانينا التاريخية ضمن جامعة كويمبرا، التي احتضنت الحفل المقام بمناسبة افتتاح مركز الدراسات العربية وإطلاق مكتبة جوانينا الرقمية، حيث ألقى سموه كلمة خلال الحفل، قال فيها «هذه ليست المرة الأولى التي أزور فيها هذا الصرح العظيم، فقد تشرفت بتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعتكم قبل 7 سنوات، أما علاقتي بالتاريخ البرتغالي فقد بدأت منذ سنوات طويلة، عملت فيها على توثيق تاريخ بلادنا في مرحلة كان البرتغاليون جزءا منها، وواحدة من أهم رحلاتي مع هذا التاريخ كانت رحلتي في البحث عن مخطوطة باربوزا، التي كانت مفقودة لمدة تقارب 100 عام، قبل أن تكتشف، واقتنيتها عام 2012».
وحول مخطوطة باربوزا، أضاف سموه: «تتحدث هذه المخطوطة عن نص كتبه الضابط البرتغالي دوارتي باربوزا الذي رافق قادة الاحتلال البرتغالي في القرن الـ16 من خليج سان سباستيان إلى سواحل الصين مرورا بمنطقتنا في الخليج العربي، تتبعت أثر هذه المخطوطة من أرشيف إلى آخر، ومن مرجع إلى آخر، حتى وصلت إلى نسخة كاملة فقرأتها بعناية، ووجدت فيها صورة مختلفة تماما لما نقل إلينا من روايات عن تلك المرحلة التاريخية».
وأشاد القاسمي بنزاهة وصدق باربوزا في وصفه ونقله لما شاهده، قائلا: «أول ما لاحظته في المخطوطة أن الكاتب تحلى فيها بالنزاهة في الوصف، وصدق في النقل، وهو ما جعلها شهادة نادرة على تفاصيل دقيقة عن واقع منطقتنا في ذلك الزمان، وعن طبيعة العلاقة بين شعوبها والوافدين إليها من بعيد، لقد كان باربوزا من حيث لا يدري يعيد التوازن إلى رواية اختلت معالمها طويلا في لحظة كان فيها التوثيق الحقيقي فعلا نادرا وشجاعا، فقد أضاء بالحقيقة على التاريخ البرتغالي وأنصف حاضره كما أنصف الماضي العربي، حيث وثق حضور أهله وفضائلهم وإنسانيتهم، لقد أكد باربوزا أن شعوب منطقتنا رغم ما واجهوه من تحديات واحتلال فقد حافظوا على إنسانيتهم، واحتضنوا الآخر، وأعلوا من شأن الكرامة والتعايش بين الشعوب والديانات».
وتابع سموه: كما وصف باربوزا مدى التقدم الذي أحرزه أبناء المنطقة في الكثير من المجالات، من علوم وثقافة وعمران ونظم تجارة وحضارة مجتمعات، وبين أيضا وبكل وضوح أن قوى الاحتلال القادمة من وراء البحر كانت تمارس التدمير والتخريب والاستعلاء.
وأعلن صاحب السمو حاكم الشارقة خلال كلمته افتتاح مركز الدراسات العربية، قائلا: «يسعدني أيضا أن أعلن اليوم عن افتتاح مركز الدراسات العربية في جامعة كويمبرا ليسجل تاريخ تدريس اللغة العربية لأول مرة في هذا الصرح العريق، ويفتح نافذة التواصل مع الأدب والفن والإبداع في العالم العربي، هذا الافتتاح يأتي ثمرة رغبة صادقة في أن نمنح الثقافة العربية مساحة جيدة للتفاعل والانفتاح والحوار بوصفها ركنا أصيلا له أثر عميق في البنيان الإنساني المشترك، وأن نمنح غير الناطقين بالعربية فرصة الغوص في القيمة العظيمة للثقافة العربية بكل ما تحمله من حضارة عريقة وآفاق مفتوحة على المستقبل».
كما أعلن سموه إطلاق مكتبة جوانينا الرقمية التي كان لإمارة الشارقة شرف التعاون مع إدارة جامعة كويمبرا في إنجازها، متمنيا سموه أن يستمر هذا التعاون من أجل إعلاء مكانة المعرفة لتنير لنا ولأجيالنا القادمة دروب بناء الحضارة.
واختتم سموه كلمته، قائلا: «نحن اليوم ومن هنا نؤكد للعالم أن الثقافة قد لا تغير الجغرافيا لكنها تغير طريقة النظر إليها، وهي لا تمحو الحدود لكنها قادرة على تحويلها إلى جسور حية ومعابر ومساحات التقاء، والثقافة أيضا لا تغير التاريخ لكنها تغير طريقة قراءتنا له».
بدوره، ألقى أميلكار فالكاوم، رئيس جامعة كويمبرا كلمة استذكر فيها منح الجامعة صاحب السمو حاكم الشارقة درجة الدكتوراه الفخرية في العام 2018م والذي شكل علامة على التقارب بين البرتغال وإمارة الشارقة، موضحا الحرص الكبير الذي ظهر من قبل الطرفين لبناء علاقات راسخة ومستدامة، ووجدت هذه العلاقات في الثقافة أرضا خصبة للتلاقي والحوار وبناء المستقبل، حيث بادر سموه خلال زيارته السابقة لمكتبة جوانينا عن رغبته في تطوير مشروع مشترك لرقمنة مجموعة من كتبها القيمة.
وأضاف فالكاوم: إن تطوير جامعة كويمبرا لهذا المشروع بالتعاون مع هيئة الشارقة للكتاب يعد مؤشرا واضحا على القيمة المضافة التي تحققها الشراكات الدولية، ولقد وصل مشروع الرقمنة الاستثنائي إلى مرحلة مهمة مع الإطلاق الرسمي لقسمه الأول، وهو «المجموعة الرقمية للشرق الأوسط»، وأطلق عليها اسم «مجموعة سلطان بن محمد القاسمي»، وهي مصدر بحثي ثمين لمجالات علمية متنوعة، يسهل وينظم الوصول إلى مواد تاريخية مرتبطة بالحضور البرتغالي في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية. ومن خلال نقل إحدى أجمل مكتبات العالم إلى الفضاء الرقمي، نحن نسهم في تعزيز التقاء التقاليد الفكرية والفنية المتنوعة، وفي الوقت نفسه، نضع البحث العلمي المتطور في خدمة إرث مشترك.
وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة، بإطلاق المكتبة الرقمية لمكتبة «جوانينا» التاريخية، التابعة لجامعة كويمبرا، والتي تعد من أبرز معالم الجامعة وإحدى أهم المكتبات المصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو.
ووقع صاحب السمو حاكم الشارقة، خلال الحفل، كتابه «رحلة بالغة الأهمية» الذي جاء بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والبرتغالية، ويعد الكتاب تحقيقا علميا لـ «مخطوطة باربوزا» إحدى أهم المخطوطات البرتغالية التي توثق بدايات القرن الـ16.
وألقى د.خوسيه بيدرو كلمة تقدم كتاب صاحب السمو حاكم الشارقة «رحلة بالغة الأهمية»، واصفا الكتاب بأنه ذو قيمة علمية كبيرة ويحتوي على مجموعة مميزة ونادرة من المخطوطات التي جمعها سموه حبا للعلم والثقافة وحفظ التاريخ.
رافق سموه كل من: أحمد عبدالرحمن المحمود سفير دولة الإمارات لدى البرتغال، وأحمد بن ركاض العامري الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، ود.عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، ود.سلطان العميمي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ومحمد حسن خلف مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وعدد من كبار المسؤولين الإماراتيين والبرتغاليين.












