بالفيديو 925 مليون يورو التبادل التجاري بين الكويت وبلجيكا

الكويت وبلجيكا: شراكة تاريخية نحو دعم السلام الإقليمي والدولي
تعتبر العلاقات التي تربط الكويت ببلجيكا نموذجاً للشراكة القوية والمستدامة، والتي تقوم على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة. أكد السفير البلجيكي لدى الكويت، كريستيان دومز، على هذا الأمر في حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة يوم الملك البلجيكي، مُثنياً على دور الكويت المحوري في دعم الحوار والسلام على المستويين الإقليمي والدولي. وتعد هذه الشراكة، التي ترسخت منذ استقلال الكويت، أساساً لتعاون مثمر في مختلف المجالات، وهو ما يعكسه الحضور القوي لبلجيكا في مشاريع تنموية كويتية متنوعة.
العلاقة التاريخية بين الكويت وبلجيكا
تتميز العلاقة بين الكويت وبلجيكا بجذور عميقة تمتد لعقود، تجسدت في مواقف بلجيكية داعمة لقضايا الكويت، خاصة خلال فترة الغزو العراقي في عام 1990. حيث كانت بلجيكا من أوائل الدول التي شاركت في التحالف الدولي لتحرير الكويت، وساهمت البحرية البلجيكية بشكل فعال في عمليات نزع الألغام، حيث نجحت في اكتشاف وتدمير 280 لغماً بحرياً قبل انسحاب آخر سفينة بلجيكية من الخليج في يوليو 1991. هذا الدعم لم يكن مجرد موقف عابر، بل يعكس التزام بلجيكا الراسخ بأمن واستقرار المنطقة.
دور الكويت الإنساني والسياسي
أشاد السفير دومز بالدور الإنساني والسياسي الذي تلعبه الكويت على الصعيدين الإقليمي والدولي، مؤكداً قدرتها الفريدة على دعم الحوار والحلول السلمية للصراعات. وأشار إلى الدعم الكويتي المستمر للشعوب المتضررة في دول مثل فلسطين ولبنان وسوريا والسودان. إن هذا الدور يعكس رؤية الكويت القائمة على التعاون الدولي والتخفيف من معاناة الآخرين، وهو ما يتماشى مع القيم التي تدعو إليها بلجيكا.
تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات
يشهد التعاون بين الكويت وبلجيكا تطوراً مستمراً في عدة مجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة. حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ حالياً حوالي 925 مليون يورو، وهناك إمكانات كبيرة لزيادة هذا الرقم في المستقبل القريب، خاصة في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا المتقدمة، والابتكار، والصناعات الدوائية والكيميائية، والطاقة المتجددة.
الاستثمارات البلجيكية في الكويت
تلعب الشركات البلجيكية الكبرى دوراً فعالاً في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الضخمة في المنطقة، ومن بينها «بيسيكس»، و«جان دي نول»، و«ديمي». وبالمقابل، تشهد بلجيكا حضوراً استثمارياً كويتياً قوياً من خلال شركة البترول العالمية الكويتية (KPI – Q8)، التي تدير أكثر من 500 محطة وقود وتلعب دوراً محورياً في قطاع البتروكيماويات في ميناء أنتويرب. هذه الاستثمارات المتبادلة تعزز الروابط الاقتصادية بين البلدين وخلق فرص عمل جديدة.
المشاورات السياسية والاقتصادية
عقدت الكويت وبلجيكا مشاورات سياسية في بروكسل في يونيو 2025، تناولت تطورات الأوضاع الإقليمية وسبل تعزيز التعاون الثنائي. كما أكد السفير دومز أن اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين ستستأنف أعمالها خلال الأشهر المقبلة، بعد آخر اجتماع لها في بروكسل عام 2019. بالإضافة إلى ذلك، شاركت بلجيكا مؤخراً في منتدى الأعمال والاجتماع الوزاري للاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون اللذين استضافتهما الكويت، مما يدل على حرص بلجيكا على تعزيز علاقاتها مع المنطقة.
التحديات والحلول: نحو تواصل أكبر بين الشعبين
أشار السفير دومز إلى أن عدم وجود رحلة طيران مباشرة بين بروكسل والكويت يمثل “عقبة حقيقية” أمام تطوير التعاون التجاري والسياحي والاستثماري. وأكد على استمرار العمل على هذا الملف المهم، والذي سيساهم في تسهيل حركة الأفراد وتبادل الخبرات بين البلدين. إن تحقيق هذا الهدف سيعزز التواصل بين الشعبين ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون.
يوم الملك البلجيكي وشراكة ثقافية متنامية
احتفال بلجيكا بيوم الملك البلجيكي، والذي يمتد تاريخه إلى عام 1866، يمثل مناسبة لتأكيد الارتباط بتاريخ بلجيكا والملكية والدولة. وخلال حفل الاستقبال، تم عرض مقتنيات خاصة من شخصية “السنافر” الشهيرة، مما يعكس الجوانب الثقافية التي تميز بلجيكا. كما ذكر السفير دومز تصميم المهندس البلجيكي هنري مونتوا لمسجد الشيخ ناصر الصباح في السالمية عام 1981، كنموذج للتعاون الثقافي بين البلدين.
في الختام، يمكن القول أن الشراكة بين الكويت وبلجيكا تتسم بالعمق والتنوع، وتسعى كلا الدولتين إلى تعزيزها في المستقبل. فمن خلال الدعم المتبادل، والتعاون في مختلف المجالات، والعمل المشترك نحو تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، تواصل الكويت وبلجيكا بناء علاقات قوية ومثمرة، وتؤكد على أهمية الحوار والتفاهم بين الثقافات. نتمنى أن تشهد هذه العلاقات تطوراً مستمراً، وأن يساهم تحقيق رحلة طيران مباشرة بين البلدين في دفع عجلة التعاون نحو آفاق أرحب. لا شك أن استمرار التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية سيكون له أثر إيجابي على كلا البلدين وعلى المنطقة بأسرها.












