مسعد بولس: قدمنا خطة لإنهاء الحرب في السودان لكن لم يقبلها طرفا الصراع

في ظل استمرار الأزمة السودانية وتصاعد وتيرة العنف، يولي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بإنهاء الصراع الدائر. هذا ما أكده مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، في تصريحات حديثة، مؤكداً أن الحرب في السودان تمثل أولوية قصوى لإدارة ترمب. وتأتي هذه التصريحات في وقت حرج يشهد فيه السودان تصعيداً خطيراً في القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما يهدد بانهيار الدولة وتفاقم الأوضاع الإنسانية.
جهود واشنطن لإنهاء الصراع في السودان
أفاد بولس بأن الولايات المتحدة قدمت للجيش السوداني وقوات الدعم السريع خطة شاملة تهدف إلى وقف إطلاق النار وتسهيل عملية السلام، لكنها لم تحظَ بقبول الطرفين حتى الآن. وأعرب عن أمله في أن يصمد إعلان قوات الدعم السريع عن وقف الأعمال القتالية من طرف واحد، وأن يلتزم به الطرفان. وأضاف أن الإدارة الأمريكية تدين بشدة الفظائع التي ارتكبتها كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني، وتدعو إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
خطة السلام الأمريكية وموقف الطرفين
على الرغم من الترحيب الأولي من الجيش السوداني بالمقترح الأمريكي، إلا أنه لم يوافق عليه رسمياً حتى الآن. في المقابل، لم يصدر رد فعل واضح من قوات الدعم السريع على الخطة المقدمة. ويشير هذا إلى وجود عقبات كبيرة أمام تحقيق السلام في السودان، وتحديات جمة تواجه جهود الوساطة الدولية. وتشمل الخطة، وفقاً لتصريحات بولس، مقترحات مختلفة بما في ذلك هدنة إنسانية تهدف إلى إدخال المساعدات للمدنيين المتضررين من الأزمة السودانية.
تصريحات الفريق البرهان ورد بولس
رفض مسعد بولس التعليق على التصريحات الأخيرة لقائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، والتي اتهم فيها الولايات المتحدة بترديد سردية خاطئة عن الحرب. وأكد بولس أن تصريحات البرهان “مبنية على حقائق مغلوطة”. وكان البرهان قد انتقد موقف واشنطن بشأن دور جماعة “الإخوان” في السودان، واصفاً إياه بـ”السردية الخاطئة عن الحرب”.
من جهته، أكد بولس مراراً وتكراراً أن الولايات المتحدة ترفض أي دور لجماعة “الإخوان” في السودان، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية السودانية. هذا الموقف الأمريكي الثابت يمثل أحد العوامل المعقدة التي تعيق عملية السلام، حيث يرى البعض أنه يفاقم الانقسامات الداخلية ويصعب التوصل إلى حل توافقي. الوضع في السودان يتطلب حلاً شاملاً يأخذ في الاعتبار جميع الأطراف الفاعلة والمصالح المتضاربة.
الدعم الإقليمي وجهود الإمارات
من جانبه، أعرب المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش عن ترحيبه بالقيادة الأمريكية وجهودها لإنهاء الفظائع في السودان. وشدد على أن الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين لا يمكن أن تحدد مستقبل السودان. وتؤكد هذه التصريحات على أهمية الدور الإقليمي في دعم جهود السلام في السودان، وتعكس قلقاً متزايداً بشأن تداعيات الصراع على الأمن والاستقرار الإقليميين.
تحركات دبلوماسية مكثفة
كشف مصادر لـ”الشرق” أن مسعد بولس أطلق تحركاً دبلوماسياً مكثفاً مع الأطراف المعنية في السودان بهدف وقف إطلاق النار، وذلك فور إعلان ترمب عن نيته البدء بالعمل على الملف بناء على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ويهدف التحرك الأمريكي إلى وقف إطلاق النار لمدة 3 أشهر، بالتزامن مع بدء إدخال المساعدات الإنسانية، ويسير بالتوازي مع مفاوضات للتوصّل إلى حل سياسي.
قمة شرم الشيخ ومبادرة ترمب للسلام
أشار مسعد بولس إلى أن قمة شرم الشيخ شهدت دعماً عربياً ودولياً واسعاً لمبادرة ترمب لإنهاء الحرب في غزة، مؤكداً أن هذه القمة تؤسس لتوافق تاريخي بشأن هذه المبادرة. على الرغم من أن هذه التصريحات تتعلق بالوضع في غزة، إلا أنها تعكس حرص الإدارة الأمريكية على لعب دور فعال في حل النزاعات الإقليمية، وتؤكد على التزامها بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
في الختام، يظل الوضع في السودان بالغ التعقيد ويتطلب جهوداً مكثفة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الولايات المتحدة، والدول الإقليمية، والأطراف السودانية المتنازعة. إن تحقيق السلام الدائم في السودان يتطلب التوصل إلى حل سياسي شامل يعالج جذور الصراع ويضمن حقوق جميع السودانيين. من الضروري استمرار الضغط الدبلوماسي، وتقديم المساعدات الإنسانية، والعمل على بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار في السودان. نأمل أن تثمر الجهود المبذولة عن وقف دائم لإطلاق النار وبدء عملية سلام حقيقية.












