اخبار الكويت

المهندسين استخدام التكنولوجيا للرقابة الدائمة للحد من الخسائر في المواقع الإنشائية

في ظل التطور العمراني السريع الذي تشهده دولة الكويت، وتزايد المشاريع الإنشائية الضخمة، تبرز أهمية تطبيق المعايير العالمية لتوفير بيئة آمنة للعمل كضرورة حتمية لحماية الأرواح والممتلكات. حادثة الانهيار المؤسفة الأخيرة في منطقة الري، والتي أودت بحياة عاملين، ليست سوى جرس إنذار يدق بقوة، مؤكداً على الحاجة الملحة لتعزيز إجراءات السلامة والصحة المهنية في جميع المواقع الإنشائية. هذا المقال يسلط الضوء على أهمية هذه المعايير، والجهود المبذولة لتطبيقها، والمقترحات لتعزيزها بشكل أكبر.

أهمية تطبيق المعايير العالمية للسلامة في المشاريع الإنشائية

إن تطبيق المعايير العالمية لتوفير بيئة آمنة للعمل ليس مجرد التزام أخلاقي وإنساني، بل هو استثمار حقيقي في التنمية المستدامة. فالمشاريع الإنشائية، بطبيعتها، تنطوي على مخاطر متعددة، بدءاً من السقوط من المرتفعات، ووصولاً إلى الحوادث الناجمة عن المعدات الثقيلة، والتعرض للمواد الكيميائية الخطرة.

تكمن أهمية هذه المعايير في:

  • حماية العمال: توفير بيئة عمل آمنة وصحية يقلل بشكل كبير من احتمالية وقوع الحوادث والإصابات، ويضمن حقوق العمال الأساسية.
  • الحفاظ على الممتلكات: تطبيق إجراءات السلامة يقلل من خطر الأضرار التي قد تلحق بالمباني والمعدات والبنية التحتية.
  • تحسين الإنتاجية: عندما يشعر العمال بالأمان، يزداد تركيزهم وإنتاجيتهم، مما يؤدي إلى إنجاز المشاريع في الوقت المحدد وبالجودة المطلوبة.
  • تعزيز السمعة: الالتزام بمعايير السلامة يعكس صورة إيجابية عن الشركات والمؤسسات العاملة في القطاع الإنشائي، ويعزز ثقة العملاء والمستثمرين.

الحاجة إلى كود كويتي خاص بالسلامة والصحة المهنية

أكد أمين سر جمعية المهندسين، م. فهد العتيبي، على الحاجة الماسة إلى وجود كود كويتي خاص بالسلامة والصحة المهنية، يتناسب مع الظروف المحلية ويأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجه القطاع الإنشائي في الكويت.

في حين أن تطبيق المعايير العالمية للسلامة يعتبر خطوة أساسية، إلا أن وجود كود وطني يضمن:

  • التوحيد القياسي: توحيد الإجراءات والمعايير المتبعة في جميع المشاريع الإنشائية، مما يسهل عملية الرقابة والتفتيش.
  • التخصيص المحلي: تكييف المعايير العالمية لتتناسب مع الظروف المناخية والبيئية والاجتماعية في الكويت.
  • المرونة والتحديث: إمكانية تحديث الكود بشكل دوري لمواكبة التطورات التكنولوجية وأفضل الممارسات في مجال السلامة.
  • التبسيط والتوضيح: تقديم إرشادات واضحة ومبسطة للشركات والمؤسسات حول كيفية تطبيق معايير السلامة.

دور جمعية المهندسين وجهود إدارة الإطفاء

تدرك جمعية المهندسين الكويتية أهمية دورها في تعزيز السلامة والصحة المهنية في القطاع الإنشائي. ولهذا، قامت الجمعية بإنشاء لجنة خاصة للصحة والسلامة المهنية، ودعمت إقامة دورات تدريبية متخصصة لتأهيل الكوادر البشرية اللازمة لتطبيق معايير السلامة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن جهود إدارة قوة الإطفاء العامة في الرقابة والتفتيش على المواقع الإنشائية، والتحقيق في الحوادث، تعتبر حيوية لضمان سلامة العمال والممتلكات. م. العتيبي أشاد بجهود الإدارة، مؤكداً على ضرورة تقديم المزيد من الدعم لها لتمكينها من أداء مهامها على أكمل وجه. السلامة في مواقع العمل تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية.

الاستفادة من معايير الأوشا (OSHA) وتعزيز الرقابة التكنولوجية

تعتبر منظمة السلامة والصحة المهنية الأمريكية (OSHA) من أبرز المؤسسات العالمية التي تقدم معايير وإرشادات شاملة في مجال السلامة والصحة المهنية. يمكن للشركات والمؤسسات العاملة في الكويت الاستفادة من هذه المعايير، وتطبيقها في مشاريعها الإنشائية.

إضافة إلى ذلك، يمكن الاستعانة بالتكنولوجيا لتعزيز الرقابة على المواقع الإنشائية. على سبيل المثال، يمكن استخدام:

  • كاميرات المراقبة: لمراقبة الأنشطة في الموقع، والتأكد من التزام العمال بإجراءات السلامة.
  • أجهزة الاستشعار: للكشف عن المخاطر المحتملة، مثل تسرب الغازات أو ارتفاع درجة الحرارة.
  • البرامج الذكية: لتحليل البيانات، وتحديد نقاط الضعف في نظام السلامة، وتقديم توصيات للتحسين.
  • الطائرات بدون طيار (الدرون): لفحص المواقع من الأعلى، والكشف عن المخاطر التي قد لا تكون مرئية من الأرض.

نحو مستقبل أكثر أماناً في القطاع الإنشائي

إن تطبيق المعايير العالمية لتوفير بيئة آمنة للعمل هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، بدءاً من الحكومة والجهات الرقابية، ووصولاً إلى الشركات والمؤسسات والعاملين. يتطلب ذلك التزاماً جاداً، واستثماراً مستمراً في التدريب والتأهيل، واستخدام أحدث التقنيات، وتطبيق قوانين صارمة.

من خلال تبني هذه الإجراءات، يمكن للكويت أن تحقق تقدماً كبيراً في مجال السلامة والصحة المهنية، وأن تحمي أرواح وعمالها، وتحافظ على ممتلكاتها، وتعزز مكانتها كمركز إقليمي للتنمية المستدامة. يجب أن يكون الهدف الأسمى هو بناء مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً للجميع. الاستمرار في تطوير ثقافة السلامة في مواقع البناء هو مفتاح النجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى