الحميدان الكويت شريك الطاقة الذرية بمكافحة التلوث

تعتبر قضية التلوث البلاستيكي، وخاصةً البلاستيك الدقيق، من أخطر التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم. وقد تصدرت الكويت، من خلال معهد الكويت للأبحاث العلمية، جهود مكافحة هذا النوع من التلوث، ليس فقط على المستوى المحلي بل أيضاً من خلال ريادتها في تطوير معايير وأدوات عالمية للرصد والقياس. هذا المقال يسلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه المعهد في هذه المعركة العالمية، وإسهاماته التي امتدت لتشمل أكثر من 75 دولة.
دور الكويت الرائد في مواجهة خطر البلاستيك الدقيق
أكد الدكتور فيصل الحميدان، المدير العام لمعهد الكويت للأبحاث العلمية، على أهمية مشاركة الكويت في المنتدى الدولي رفيع المستوى حول التقنيات النووية للسيطرة على التلوث البلاستيكي، الذي عُقد في الفلبين حديثًا. هذه المشاركة تعكس التزام الكويت بالشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مكافحة هذا التلوث المتزايد. لم تقتصر مساهمة المعهد على الحضور والمشاركة، بل تعدته إلى قيادة جهود البحث العلمي ووضع معايير دولية دقيقة لرصد وفهم التحديات التي يفرضها البلاستيك الدقيق.
تطوير بروتوكولات عالمية للقياس والتحليل
على مدار سنوات، عمل علماء معهد الكويت للأبحاث العلمية بجدية وشغف على تطوير بروتوكولات موحدة لقياس كمية ونوعية البلاستيك الدقيق في مختلف البيئات. تم هذا التطوير من خلال مشاريع بحثية رائدة، واستثمارات استراتيجية، وبالتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
التقنية النووية كأداة فعالة
تعتمد البروتوكولات المطورة على استخدام التقنيات النووية المتقدمة، والتي أثبتت فعاليتها في الكشف الدقيق عن هذه الجسيمات البلاستيكية الصغيرة جدًا. وقد تبنت هذه التقنيات مبادرة NUTEC Plastics التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تهدف إلى متابعة التلوث البلاستيكي البحري بشكل أفضل. إن معهد الكويت ليس مجرد مشارك في هذه المبادرة، بل هو شريك رئيسي ومركز متعاون يقدم خبراته وموارده القيمة للدول الأعضاء.
مادة مرجعية قياسية لضمان دقة النتائج
من أبرز إنجازات معهد الكويت في هذا المجال هو تطوير مادة مرجعية قياسية عالية الجودة. هذه المادة، التي تمت مشاركتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تستخدم للتحقق من صحة وموثوقية النتائج التي يتم الحصول عليها في المختبرات حول العالم.
- مقارنة عالمية للمختبرات: تم استخدام هذه المادة القياسية في عملية مقارنة بين 55 مختبرًا دوليًا، مما ساهم بشكل كبير في تحسين موثوقية القياسات العالمية.
- توحيد المعايير: هذه الخطوة مهمة جدًا لتوحيد المعايير والضوابط المتعلقة بقياس البلاستيك الدقيق، مما يتيح مقارنة البيانات بشكل أكثر دقة وفعالية ويوجه السياسات الدولية بشكل أفضل.
نشر المعرفة ومواجهة التحديات البيئية
لم يقتصر دور المعهد على الجانب العملي والتقني، بل امتد ليشمل نشر المعرفة وتبادل الخبرات مع المجتمع العلمي والدولي. فقد نشر باحثو المعهد أكثر من 26 بحثًا علميًا مهمًا في مجلات دولية مرموقة خلال السنوات الخمس الماضية. هذه الأبحاث، التي تحظى باحترام واسع وبتوثيق عالمي مكثف، ترسخ مكانة الكويت كمركز للتميز في أبحاث البلاستيك الدقيق والملوثات البحرية بشكل عام. كما يساهم هذا الجهد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بحماية البيئة والموارد البحرية.
من الرصد المحلي إلى المعايير العالمية
أكد الدكتور الحميدان أن جهود المعهد لم تعد تقتصر على الرصد المحلي للتلوث البلاستيكي في الكويت، بل تطورت لتشمل وضع معايير عالمية يتم تطبيقها في مناطق واسعة مثل آسيا والمحيط الهادئ وخارجها. هذا التحول يعكس عمق وجودة الأبحاث التي يجريها المعهد، وقدرته على التأثير الإيجابي في الجهود العالمية لمكافحة التلوث البلاستيكي. بالإضافة إلى ذلك، يعزز هذا الدور من سمعة الكويت كدولة رائدة في مجال الابتكار العلمي والبحث والتطوير.
مستقبل أبحاث البلاستيك الدقيق في الكويت
إن مساهمة معهد الكويت للأبحاث العلمية في مجال مكافحة التلوث بالبلاستيك، وخصوصًا البلاستيك الدقيق، ليست مجرد إنجاز علمي، بل هي رسالة أمل للعالم. ومن المتوقع أن يستمر المعهد في دوره القيادي، وتطوير حلول مبتكرة وفعالة لمواجهة هذا التحدي المتزايد. ويتطلب ذلك استمرار الدعم والتمويل للأبحاث العلمية، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات، من أجل تحقيق مستقبل أكثر صحة واستدامة للجميع. إن التزام الكويت بمكافحة التلوث يعكس رؤيتها الطموحة نحو حماية البيئة وضمان الأمن الغذائي، ويضعها في طليعة الدول التي تسعى جاهدة لتحقيق التنمية المستدامة.
الكلمات المفتاحية الثانوية: الملوثات البحرية، التقنيات النووية، التنمية المستدامة.












