اخبار مصر

إعلام عبري: المحكمة العليا تلزم الحكومة الإسرائيلية بوضع خطة لتجنيد ال

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا تاريخيًا يهدف إلى معالجة قضية التهرب من التجنيد الإلزامي في صفوف أتباع المذهب الحريدي، وهي قضية لطالما أثارت جدلاً واسعًا في المجتمع الإسرائيلي. يأتي هذا القرار في ظل تصاعد الضغوط الأمنية المتزايدة، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر، ويسعى إلى تحقيق المساواة في الخدمة العسكرية وتلبية احتياجات الجيش الإسرائيلي المتزايدة. هذا المقال سيتناول تفاصيل القرار، أسبابه، والتداعيات المحتملة له.

تفاصيل قرار المحكمة العليا بشأن التجنيد الإلزامي

أعلنت القناة 12 الإسرائيلية عن صدور قرار المحكمة العليا الذي يلزم الحكومة الإسرائيلية بصياغة وتنفيذ “سياسة إنفاذ فعالة” ضد المتخلفين عن التجنيد الإلزامي من أتباع المذهب الحريدي. القرار لا يقتصر على المساءلة الجنائية فحسب، بل يتضمن أيضًا إجراءات مشددة على المستويين الاقتصادي والمدني. تطالب المحكمة الحكومة بتقديم خطة مفصلة خلال 45 يومًا، تتضمن تدابير تنفيذية ملموسة لضمان تطبيق القانون على الجميع دون استثناء.

المساءلة الجنائية والعقوبات الاقتصادية

الخطة المطلوبة يجب أن تشمل آليات واضحة للمساءلة الجنائية للمتهربين من الخدمة، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية ومدنية واسعة النطاق. لم تحدد المحكمة طبيعة هذه العقوبات بشكل قاطع، لكنها أشارت إلى ضرورة أن تكون رادعة بما يكفي لثني الأفراد عن التهرب من التجنيد الإلزامي. يهدف هذا الجانب من القرار إلى إظهار جدية الحكومة في تطبيق القانون، والتأكيد على أن الامتناع عن الخدمة له تبعات حقيقية.

تبرير المحكمة للقرار

برئاسة نائب الرئيس نوعام سولبرغ، أكدت المحكمة أن السلطات الحكومية “تخلّت تمامًا عن واجب تطبيق التجنيد” على أفراد الحريديم. واعتبرت أن عدم تطبيق قانون جهاز الأمن يشكل خرقًا لالتزام الدولة بتطبيق قوانينها على جميع المواطنين. لم يكن هذا التقييم وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكم سنوات من الإهمال وعدم وجود سياسة واضحة للتعامل مع هذه القضية.

تصاعد الأهمية الأمنية بعد أحداث 7 أكتوبر

أشارت المحكمة إلى أن التفاوت في تطبيق القانون قد تفاقم بشكل ملحوظ بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023. وبالتالي، لم تعد القضية مجرد مسألة مبدأ المساواة، بل أصبحت “حاجة أمنية ملحة” وفقًا لتقييمات الجهات المهنية في الجيش الإسرائيلي. هذا التحول في النظرة يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية تعزيز القوة البشرية للجيش، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة. الخدمة العسكرية أصبحت ضرورة ملحة لضمان أمن واستقرار إسرائيل.

تقييم المحكمة لجهود الحكومة السابقة والحالية

على الرغم من انتقادها لضعف آليات الإنفاذ في الماضي، اعترفت المحكمة بأن الدولة بدأت في اتخاذ خطوات لتنفيذ التزاماتها القانونية، وأنها لا تزال تعمل على ذلك. وبناءً على هذا الاعتراف، رأت المحكمة أنه لا يوجد مبرر لإصدار أمر تنفيذي إضافي في الوقت الراهن، طالما أن السلطات العسكرية تعمل بجدية على تحقيق هذا الالتزام. هذا يشير إلى أن المحكمة تمنح الحكومة فرصة لإثبات جدّيتها في معالجة القضية.

تحديات طويلة الأمد

أكدت المحكمة أن معالجة هذه القضية تتطلب وقتًا، باعتبارها تحديًا ممتدًا منذ تأسيس دولة إسرائيل. وأوضحت أنه لا يمكن تصحيح إخفاق دام عقودًا “في لحظة واحدة”، نظرًا لوجود عوائق ومحدودية الموارد. هذا الاعتراف بالصعوبات يهدف إلى وضع توقعات واقعية، وتجنب الضغوط غير المبررة على الحكومة.

الهدف من الإجراءات: فرض التجنيد وليس العقاب

شددت المحكمة على أن الهدف من الإجراءات القانونية والعقوبات العسكرية ليس العقاب في حد ذاته، ولا ملء السجون بالرافضين للخدمة. بل الهدف الأساسي هو “فرض التجنيد الإلزامي منذ البداية، حتى على من لا يريدون الامتثال له”. هذا التوضيح يهدف إلى التأكيد على أن الإجراءات المتخذة تهدف إلى تحقيق هدف استراتيجي، وهو تعزيز المساواة في الخدمة العسكرية وتلبية احتياجات الجيش. كما أن هذا يوضح أن الحكومة مطالبة بتقديم حلول شاملة تتجاوز مجرد العقاب.

التداعيات المحتملة والخطوات التالية

من المتوقع أن يثير هذا القرار ردود فعل متباينة في المجتمع الإسرائيلي. من جهة، قد يرحب به أنصار المساواة في الخدمة العسكرية، الذين يرون فيه خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة. ومن جهة أخرى، قد يعارضه بعض أتباع المذهب الحريدي، الذين يعتبرون الخدمة العسكرية تتعارض مع قيمهم الدينية. الخطوة التالية تقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية، التي يجب أن تقدم خطة مفصلة خلال 45 يومًا، تتضمن تدابير تنفيذية ملموسة لضمان تطبيق القانون على الجميع. هذه الخطة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل قضية التجنيد الإلزامي في إسرائيل.

الخلاصة

يمثل قرار المحكمة العليا بشأن التجنيد الإلزامي نقطة تحول محتملة في التعامل مع هذه القضية الحساسة. من خلال إلزام الحكومة بصياغة وتنفيذ سياسة إنفاذ فعالة، تسعى المحكمة إلى تحقيق المساواة في الخدمة العسكرية، وتعزيز الأمن القومي، وتلبية احتياجات الجيش الإسرائيلي المتزايدة. يبقى أن نرى كيف ستستجيب الحكومة لهذا القرار، وما إذا كانت ستتمكن من تقديم خطة تلبي تطلعات المحكمة وتخفف من حدة الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى