اخبار الامارات

مرسوم بقانون يُجيز للجهات الصحية الخاصة إنشاء وحدات لعلاج الإدمان

في خطوة تعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بمواجهة تحديات الإدمان وتعزيز منظومة العدالة، أصدرت الحكومة مؤخرًا مرسومًا بقانون اتحادي يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي لمكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية. يمثل هذا التعديل نقلة نوعية في التعامل مع قضايا الإدمان، حيث يركز على الجانبين العلاجي والردعي، ويمنح صلاحيات أوسع للجهات المعنية، بما في ذلك القطاع الخاص، في تقديم خدمات علاج وتأهيل للمدمنين. هذا التعديل يضع مكافحة المخدرات في صميم أولويات الدولة، ويؤكد على رؤيتها الشاملة لحماية المجتمع.

تطوير المنظومة التشريعية لمكافحة المخدرات في الإمارات

تأتي هذه التعديلات في سياق الجهود المستمرة التي تبذلها دولة الإمارات لتطوير قوانينها بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. يهدف القانون الجديد إلى تعزيز حماية المجتمع من أضرار المخدرات، وترسيخ مبادئ العدالة وصون الحقوق، ودعم المنظومة الوطنية لمكافحة المخدرات وفقًا لأعلى المعايير التنظيمية والصحية والأمنية. كما يعكس التعديل التطور المؤسسي والرقابي الذي شهدته الدولة في قطاع الأدوية، مما يتطلب تحديث الإطار القانوني لضمان فعاليته.

إعادة هيكلة الجهات المعنية وتحديث الإجراءات

أحد أبرز التغييرات التي أدخلها المرسوم بقانون هو إعادة تحديد صلاحيات الجهات المعنية. فقد تم استبدال الإشارات إلى وزارة الصحة ووقاية المجتمع ووزير الصحة ووقاية المجتمع بمؤسسة الإمارات للأدوية ورئيس مجلس إدارتها، وذلك نظرًا لدور المؤسسة المحوري في تنظيم ومراقبة الأدوية والمواد المخدرة. وبالمثل، تم استبدال الإشارات إلى وزارة الداخلية بالجهاز الوطني لمكافحة المخدرات، مما يعزز من الدور القيادي للجهاز في جهود مكافحة المخدرات على المستوى الوطني.

دور القطاع الخاص في علاج الإدمان

يشكل السماح للجهات الصحية الخاصة بإنشاء وحدات لعلاج الإدمان خطوة مهمة نحو توسيع نطاق الخدمات العلاجية المتاحة للمدمنين. هذا الإجراء سيسهم في تخفيف الضغط على المراكز الحكومية، وتوفير خيارات علاجية متنوعة، وتقريب الخدمات من المحتاجين إليها. سيتم تنظيم عمل هذه الوحدات بقرار من مجلس الوزراء، لضمان تقديم خدمات عالية الجودة وفقًا للمعايير الطبية والأخلاقية. بالإضافة إلى ذلك، يسمح القانون للسلطات المحلية بإنشاء وحدات مماثلة، مما يعزز من التكامل في منظومة علاج الإدمان على مستوى الدولة.

تشديد العقوبات على جرائم المخدرات

لم يقتصر التعديل على الجانب العلاجي، بل شمل أيضًا تشديد العقوبات على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، وخاصة تلك التي تستهدف حماية المجتمع من انتشار الإدمان. فقد نص القانون على عقوبات صارمة على الصيدليات التي تصرف مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية دون وصفة طبية مستوفية الشروط، أو بصرف كميات تتجاوز الحدود المسموح بها. وتصل العقوبة إلى السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 50 ألف درهم، مع اعتبار هذه المخالفات من جرائم تسهيل تعاطي المخدرات.

مسؤولية الأطباء في وصف الأدوية

كما يفرض القانون مسؤولية أكبر على الأطباء في وصف الأدوية المخدرة أو المؤثرة عقليًا. فقد تم تشديد العقوبة على الطبيب الذي يحرر وصفة بأي مادة مخدرة دون ترخيص أو مبرر طبي، أو بالمخالفة للنسب المعتمدة، لتكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 50 ألف درهم. يهدف هذا الإجراء إلى الحد من إساءة استخدام الأدوية، وضبط الوصفات الطبية، وحماية المرضى من الوقوع في براثن الإدمان. هذه الإجراءات تندرج ضمن سياسة الدولة الصارمة في مكافحة تعاطي المخدرات.

الإبعاد وتحديث الإجراءات القضائية

يتضمن القانون الجديد أيضًا أحكامًا تتعلق بإبعاد الأجانب المدانين في جرائم المخدرات بعد انتهاء فترة عقوبتهم. مع وجود بعض الاستثناءات المحددة، مثل الحالات التي يكون فيها المحكوم عليه زوجًا أو قريبًا من الدرجة الأولى لمواطن، أو إذا كان فردًا من أسرة مقيمة في الدولة وكان إبعاده سيؤدي إلى ضرر جسيم للأسرة.

بالإضافة إلى ذلك، تم توحيد الإجراءات القضائية المتعلقة بجرائم الاتجار والترويج والتسهيل، من خلال حصر اختصاص النظر فيها بالمحاكم الاتحادية، وضمان نفاذ أوامر النيابة العامة الاتحادية في جميع إمارات الدولة. هذا الإجراء سيسهم في تسريع إجراءات التقاضي، وتوحيد الأحكام، وتعزيز سيادة القانون.

نهج شامل يجمع بين الردع والعلاج

في الختام، يمثل المرسوم بقانون الاتحادي بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي لمكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية خطوة هامة نحو تطوير منظومة مكافحة المخدرات في دولة الإمارات. فهو يتبنى نهجًا شاملاً يجمع بين الردع الصارم من خلال تشديد العقوبات، وتوفير العلاج والتأهيل للمدمنين، وتعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية. هذا التعديل يؤكد التزام الدولة بحماية المجتمع وسلامة أفراده، ويعزز مكانتها كنموذج عالمي في مجال مكافحة المخدرات. من خلال هذه التعديلات، تسعى الإمارات إلى تحقيق التوازن بين حماية المجتمع وتوفير الفرص للمدمنين للتعافي والاندماج في المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى