تعويض عن إصابة بمطحنة توابل: تفاصيل قضية في أبوظبي وأهمية سلامة الأجهزة المنزلية
تثير قضايا إصابات المستهلكين الناتجة عن عيوب في المنتجات أسئلة مهمة حول مسؤولية الشركات المصنعة والبائعين، وأهمية ضمان سلامة الأجهزة المنزلية. مؤخرًا، شهدت محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية قضية مؤثرة، حيث قضت بتعويض ربة منزل تعرضت لبتر في إصبع يدها نتيجة عيب مصنعي في مطحنة توابل كهربائية. هذه القضية تسلط الضوء على أهمية الحذر عند استخدام الأجهزة الكهربائية، والحقوق القانونية للمستهلكين في حال تعرضهم للأذى بسبب منتجات معيبة.
تفاصيل القضية والإصابة المؤلمة
أقامت ربة منزل دعوى قضائية ضد شركة أجهزة منزلية ومعرض بيع أجهزة كهربائية، مطالبة بتعويض قدره 250 ألف درهم عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بها. ووفقًا للتقرير الطبي المقدم كدليل في القضية، فقد تعرضت المدعية لإصابة بالغة في يدها اليمنى أثناء استخدام مطحنة توابل بشكل طبيعي. الإصابة كانت خطيرة لدرجة أنها أدت إلى بتر إصبع يدها، مما تسبب في عاهة مستديمة وعجز بنسبة 5% في وظائف الطرف العلوي الأيمن.
المدعية أكدت أنها اشترت الجهاز من المعرض وأنها هي المستخدمة الفعلية له داخل المنزل. وأرفقت بدعواها صورة من التقرير الطبي الأصلي وفاتورة شراء مطحنة التوابل كإثبات على ادعاءاتها. هذا الإجراء يمثل خطوة ضرورية لحماية حقوق المستهلكين المتضررين.
دفاع البائعين وموقف المحكمة
واجهت الدعوى مقاومة من جانب البائعين. المعرض قدم مذكرة جوابية يطلب فيها رفض الدعوى لعدة أسباب. أولاً، ادعى أن الدعوى مرفوعة على غير ذي صفة، بحجة أنه مجرد عارض للمنتجات وليس مصنعًا لها. ثانياً، أشار إلى أن فاتورة الشراء صادرة باسم شخص آخر وليس المدعية، مما يعني أنه لا يوجد علاقة مباشرة بينه وبين الضرر.
إلا أن المحكمة رفضت هذه الدفوع. وشددت على أن شراء مطحنة التوابل تم من المعرض، مما يمنح المدعية الحق في مقاضاته. ولفتت المحكمة إلى أن المعرض يمكنه بدوره الرجوع على الشركة المصنعة إذا كان لديه ما يثبت مسؤوليتها.
تقارير الخبراء ومسؤولية العيب المصنعي
لتبسيط الرأي وتحديد المسؤولية، لجأت المحكمة إلى تقارير الخبراء. كشف تقرير الطبيب الجنائي أن الإصابة يمكن أن تحدث نتيجة انحشار الإصبع في مطحنة التوابل، وأن حالة المدعية مستقرة ولكنها تحمل عاهة مستديمة.
الأهم من ذلك، أظهر تقرير الخبرة الكهربائية المنتدبة من المحكمة وجود قصور في جانب الحماية الميكانيكية في تصميم المطحنة مقارنةً بالأجهزة المنافسة في السوق. وأكد التقرير أن الحادث “ممكن فنياً” نتيجة لتداخل سوء الاستخدام مع ضعف نظام الإغلاق والحماية، وأن تصميم الغطاء ونظام التشغيل قد يحتاج إلى مراجعة لتعزيز السلامة.
حكم المحكمة والتعويض المستحق
بعد دراسة جميع الأدلة والتقارير، حكمت المحكمة بإلزام الجهتين – شركة الأجهزة المنزلية والمعرض – بالتضامن بدفع تعويض قدره 25 ألف درهم لربة المنزل. كما أمرت بإلزام المدعى عليهما بدفع الرسوم والمصروفات القضائية.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الإصابة التي تعرضت لها المدعية لا تؤثر بشكل كبير على قدرتها على القيام بالأعمال اليومية، وأن التعويض يأتي نظير الخطأ الذي أدى إلى هذه الإصابة، وما نجم عنه من أضرار مادية ومعنوية. كما أشارت إلى أن إصابات المدعية تندرج ضمن “الإصابات غير المقدرة شرعًا”، الأمر الذي يمنح المحكمة سلطة تقدير قيمة التعويض المناسبة.
أهمية الالتزام بمعايير السلامة في الأجهزة المنزلية
تعتبر هذه القضية بمثابة جرس إنذار للشركات المصنعة والأجهزة الكهربائية، حيث تؤكد على أهمية الالتزام بمعايير السلامة في الأجهزة المنزلية وتوفير الحماية اللازمة للمستهلكين. فالعيوب المصنعية يمكن أن تؤدي إلى إصابات خطيرة وحتى وفيات، مما يستدعي اتخاذ تدابير وقائية صارمة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المستهلكين قراءة دليل الاستخدام بعناية قبل استخدام أي جهاز كهربائي، واتباع التعليمات الواردة فيه. كما يجب عليهم التأكد من أن الجهاز في حالة جيدة وخالٍ من أي عيوب ظاهرة قبل شرائه أو استخدامه. التوعية بحقوق المستهلكين وآليات حمايتهم تلعب دورًا حيويًا في منع وقوع مثل هذه الحوادث.
حقوق المستهلكين في حالات المنتجات المعيبة
يحق للمستهلكين المطالبة بالتعويض في حال تعرضهم للأذى نتيجة استخدام منتجات معيبة. وتشمل الحقوق المطالبة بإصلاح المنتج أو استبداله، أو استرداد قيمة الشراء، بالإضافة إلى التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم. من الضروري الاحتفاظ بفاتورة الشراء والتقرير الطبي كدليل على الضرر والارتباط بينه وبين المنتج المعيب.
في الختام، تُظهر هذه القضية أهمية التركيز على سلامة الأجهزة المنزلية وحماية حقوق المستهلكين. وعلى الشركات المصنعة والبائعين تحمل مسؤوليتهم تجاه المستهلكين وتقديم منتجات آمنة وموثوقة، بينما يجب على المستهلكين توخي الحذر واتباع تعليمات الاستخدام لضمان سلامتهم.
