“الصحة العالمية”: الإمارات نموذج يحتذى وأسبوع أبوظبي المالي منصة للتواصل مع المانحين
أكدت حنان البلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، على المستوى المتقدم الذي وصلت إليه الرعاية الصحية في الإمارات، مشيرة إلى أنها ليست فقط رائدة إقليمياً بل أيضاً على الصعيد العالمي. جاء هذا التصريح على هامش فعاليات أسبوع أبوظبي المالي، مسلطاً الضوء على أهمية الاستثمار في القطاع الصحي وتطويره. وتناولت البلخي في حديثها مع وكالة أنباء الإمارات (وام) التحديات التي تواجه بعض الدول في المنطقة، وضرورة إيجاد حلول مبتكرة لضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية الأساسية.
الإمارات نموذجاً للرعاية الصحية الفعالة
أشادت حنان البلخي باستجابة الإمارات المتميزة خلال جائحة كوفيد-19، واصفة إياها بدليل قاطع على كفاءة منظومتها الصحية. وأوضحت أن نجاح الإمارات يعود إلى عدة عوامل، من بينها قوة الاستقصاء الوبائي، والتنسيق الفعال بين المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة، مما ساهم في تقديم رعاية صحية متكاملة ومنع أي تشتت في الجهود.
هذا التنسيق القوي بين القطاعين العام والخاص يعتبر من أهم مميزات الرعاية الصحية في الإمارات، مما يتيح تقديم خدمات متنوعة وعالية الجودة للمواطنين والمقيمين على حد سواء. وأضافت البلخي أن الإمارات قادرة على تقديم رعاية صحية عالية الكفاءة، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم.
التمويل الصحي: تحديات وحلول مبتكرة
تعتبر قضية التمويل الصحي من أهم التحديات التي تواجه العديد من الدول، خاصةً تلك الأقل حظاً. وأشارت البلخي إلى أن الدعم المالي السنوي للقطاع الصحي يجب أن يكون بين 2.5% و5% من الميزانية العامة للدولة، إلا أن العديد من الدول لا تخصص سوى نسبة ضئيلة، قد تصل إلى أقل من 1.2% في بعض الحالات.
أهمية زيادة الاستثمار في الصحة
إن نقص التمويل يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة، وعلى قدرة الدول على التعامل مع الأزمات الصحية. لذلك، من الضروري زيادة الاستثمار في القطاع الصحي، وتخصيص الموارد اللازمة لتطوير البنية التحتية، وتدريب الكوادر الطبية، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
إرشادات البنك الدولي لحلول مبتكرة
في هذا السياق، أكدت البلخي على أهمية إيجاد حلول مبتكرة لزيادة التمويل الصحي، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع البنك الدولي قد أطلقت مؤخراً إرشادات تهدف إلى مساعدة الدول في استخدام أدوات مالية جديدة لتحسين الرعاية الصحية. وتشمل هذه الأدوات فرض ضرائب على المشروبات السكرية والسجائر، وتوجيه العوائد المتحصلة نحو دعم القطاع الصحي.
تفاوت الرعاية الصحية بين دول المنطقة
أشارت البلخي إلى وجود تفاوت كبير في مستوى الرعاية الصحية بين دول منطقة شرق المتوسط. وأكدت أن ست دول في المنطقة تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث تصل نسب وفيات الأمهات أثناء الولادة إلى 500 أو 600 لكل 100 ألف ولادة. في المقابل، هناك دول أخرى في المنطقة نفسها لا تتجاوز فيها هذه النسبة 12 لكل 100 ألف ولادة.
ارتفاع معدلات وفيات الأطفال
بالإضافة إلى ذلك، لفتت البلخي إلى أن التقارير الجديدة تشير إلى زيادة مقلقة في وفيات الأطفال دون سن الخامسة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الرعاية الصحية للأمهات والأطفال في المنطقة. هذا الأمر يتطلب تضافر الجهود بين الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والجهات المانحة.
دور المنظمة والجهات المانحة في دعم الدول الأعضاء
أكدت حنان البلخي أن منظمة الصحة العالمية تلعب دوراً محورياً في دعم الدول الأعضاء الـ 194، من خلال تقديم المساعدة الفنية والمالية، ووضع السياسات الصحية، وقيادة الجهود المبذولة للتعامل مع التحديات الصحية المختلفة. وأضافت أن المنظمة تعمل بشكل وثيق مع الجهات المانحة، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الأخرى المتعاونة، لإيجاد حلول جذرية لهذه القضايا الصحية.
إن التعاون الدولي وتبادل الخبرات والمعرفة يعتبران من العوامل الأساسية لتحسين الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. وشددت البلخي على أن الهدف الأسمى هو أن يحصل الجميع على الصحة والرعاية الصحية في أي مكان، وأن نكون مبتكرين في إيجاد الحلول لأمور الصحة، لأن الصحة غالباً لا تأخذ الأولوية إلا في حال وجود كارثة كبيرة.
في الختام، يمكن القول أن تصريحات حنان البلخي تسلط الضوء على أهمية الاستثمار في الرعاية الصحية، وضرورة تطوير المنظومات الصحية في المنطقة، وتبني حلول مبتكرة لضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية الأساسية. إن نموذج الإمارات في هذا المجال يستحق الدراسة والاحتذاء، ويمكن أن يلهم دولاً أخرى لتحقيق تقدم مماثل في مجال الصحة. ندعو الجميع إلى المشاركة في دعم هذه الجهود، والعمل معاً من أجل مستقبل صحي أفضل للجميع.
