اخر الاخبار

إذا غزت أميركا فنزويلا.. ما سيناريو المواجهة والأهداف المحتملة؟

تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، مع تصريحات متكررة من الإدارة الأمريكية حول إمكانية تدخل عسكري. ففي تطورات لافتة، كشف مسؤولون عسكريون أمريكيون وفنزويليون سابقون عن أن الجيش الأمريكي قد يستهدف مجموعة واسعة من المواقع داخل فنزويلا في حال قررت إدارة الرئيس ترمب تنفيذ ضربات، بدءاً من القواعد العسكرية وصولاً إلى معامل الكوكايين ومدارج الطائرات السرية. هذا التطور يأتي بالتزامن مع وصول حاملة الطائرات الأمريكية “جيرالد آر. فورد” إلى مياه أمريكا اللاتينية، مما يزيد من التقارب بين القوات الأمريكية والأراضي الفنزويلية، ويُفاقم احتمالية تصعيد عسكري أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 75 شخصاً في حوادث تتعلق بقوارب وغواصات تهريب. هذا السيناريو يثير العديد من التساؤلات حول الأهداف المحتملة لهذا التدخل، ودوافع الإدارة الأمريكية، ومدى استعداد فنزويلا لأي طارئ.

التهديد الأمريكي وتصعيد التوترات مع فنزويلا

على الرغم من نفي الرئيس ترمب مؤخراً وجود نية فورية لشن هجوم بري على فنزويلا، إلا أن تصريحاته السابقة، بالإضافة إلى التحركات العسكرية الأمريكية، ترسم صورة قاتمة. وصل الأمر إلى حد الحديث عن استهداف مهربي المخدرات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيقتصر الأمر على ذلك أم سيمتد ليشمل حكومة الرئيس نيكولاس مادورو؟ واتهامات ترمب لمادورو بالوقوف على رأس “كارتل دي لوس سوليس” (كارتل الشمس)، وهي منظمة لتهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة، تشكل أساساً قانونياً محتملاً للتدخل العسكري، خاصة بعد تصنيف هذا الكارتل من قبل الإدارة الأمريكية كـ “منظمة إرهابية”. هذا التصنيف يمنح الولايات المتحدة صلاحيات أوسع لـ التدخل في فنزويلا.

الأهداف المحتملة للضربات الأمريكية في فنزويلا

وفقاً لمصادر في “واشنطن بوست”، تستهدف السيناريوهات المحتملة للضربات الأمريكية مجموعة متنوعة من الأهداف داخل فنزويلا. تشمل هذه الأهداف:

  • القواعد العسكرية الفنزويلية: هذه قد تكون الأهداف الأكثر وضوحاً، بهدف تعطيل القدرات العسكرية للنظام.
  • معامل تكرير الكوكايين: لضرب منظمة تهريب المخدرات التي يتهمها ترمب بشكل مباشر.
  • مدارج الطائرات السرية: تستخدمها شبكات التهريب لنقل شحنات الكوكايين.
  • معسكرات المقاتلين: التابعة لجماعات مسلحة تدعمها الحكومة الفنزويلية أو تتواجد على أراضيها.

لكن حتى مع هذه الأهداف المحددة، يبقى تأثير مثل هذه الضربات غير واضحاً. الجنرال جيم ستافريديس، الأدميرال الأمريكي المتقاعد، يؤكد أن الجيش الفنزويلي “تآكل”، لكنه لا يزال يمتلك أسلحة وقدرات كافية لردع أي غزو بري واسع النطاق. ويرى أن الولايات المتحدة قد تبدأ بـ ضربات دقيقة تستهدف مواقع إنتاج المخدرات والمنشآت العسكرية، ثم تتجه نحو استهداف القيادات إذا لم تحقق هذه الضربات النتائج المرجوة.

سيناريوهات المواجهة المحتملة ورد فعل فنزويلا

تتراوح سيناريوهات المواجهة المحتملة بين ضربات محدودة وعمليات أكثر تعقيداً. يرجح ستافريديس أن مادورو قد يلجأ إلى التحصن في وجه هذه الضربات، مما قد يدفع الإدارة الأمريكية إلى التفكير في استهداف أجهزته الأمنية أو حتى تنفيذ عملية خاصة لاعتقاله أو قتله، وهو خيار “عالي المخاطر”.

وتشير التقارير إلى أن فنزويلا قد بدأت بالفعل في التخطيط لعمليات مقاومة على غرار حرب العصابات، بالإضافة إلى نشر الفوضى في حال تعرضها لهجوم. كما بدأت في نشر أسلحة روسية الصنع، بما في ذلك منظومة الدفاع الجوي S-300VM، على الرغم من أنها تعمل جزئياً فقط.

وبحسب مصادر فنزويلية سابقة، قد تستهدف القوات الأمريكية مطارات وموانئ تستخدم في تهريب المخدرات، ومواقع التهريب قرب الحدود مع كولومبيا. كما تشير إلى وجود مدارج سرية في ولاية أبوري، حيث يتم تخزين الكوكايين قبل نقله. في المقابل، قد ترد فنزويلا باستهداف جهاز الاستخبارات العسكرية الأمريكية في حالة استهداف أجهزتها الأمنية.

تأثير الصراع على الجماعات المسلحة و”جيش التحرير الوطني”

قد يتأثر العديد من اللاعبين الإقليميين بأي هجوم أمريكي على فنزويلا، وعلى رأسهم جماعة “جيش التحرير الوطني” الكولومبية. هذه الجماعة اليسارية المسلحة لها حضور واسع داخل فنزويلا، وقد وفرت لها حكومة مادورو ملاذاً آمناً للاتجار بالمخدرات والأنشطة غير القانونية.

وتشير التقارير إلى أن مقاتلي “جيش التحرير الوطني” بدأوا بالفعل في الانسحاب نحو كولومبيا تحسباً لضربات أمريكية. وحذرت إليزابيث ديكنسون من مجموعة الأزمات الدولية من أن أي هجوم أمريكي ضد الجماعة قد يدفعها إلى الرد باستهداف الجيش الكولومبي المدعوم من واشنطن. هذا يشكل تهديداً إضافياً لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

دوافع ترمب الحقيقية ومحددات القرار

يثير التساؤل عن هدف الرئيس ترمب الحقيقي من وراء هذا التصعيد. يرى مسؤولون أمريكيون أن أي ضربات داخل فنزويلا لن تغير كثيراً في واقع تجارة المخدرات، حيث أن معظم الكوكايين يتم إنتاجه في كولومبيا وتهريبه إلى أوروبا أو منطقة البحر الكاريبي. ويصف أحد الجنرالات المتقاعدين الاعتقاد بأن ضرب فنزويلا سيوقف تدفق المخدرات إلى أمريكا بأنه “هراء”.

وبحسب معلومات استخباراتية، يعتقد بعض المسؤولين الفنزويليين أنهم قادرون على الصمود في وجه الضغوط الأمريكية. كما يستبعد معظم المراقبين أن تؤدي ضربات أمريكية ضد مواقع تهريب المخدرات إلى انشقاق في الجيش أو انقلاب ضد مادورو. ويبدو أن ترمب لم يحسم قراره بشأن تنفيذ ضربات داخل فنزويلا بعد، وقد يتصرف كما فعل في عمليات سابقة، معلناً النصر سريعاً ثم ينتقل إلى ملف آخر.

هذا الوضع يتطلب حذراً شديداً وتحليلاً دقيقاً للمخاطر المحتملة، والعمل على إيجاد حلول دبلوماسية لتجنب تصعيد عسكري قد يكون له تداعيات وخيمة على المنطقة بأسرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى