مشاورات أوكرانية أميركية في سويسرا بشأن إنهاء الحرب.. وموسكو تلمح لقمة بين بوتين وترمب

أوكرانيا والولايات المتحدة تبحثان تسوية للحرب في سويسرا وسط ضغوط أمريكية
تشهد الأزمة الأوكرانية تطورات متسارعة، حيث أعلن رئيس المجلس الوطني للأمن والدفاع في أوكرانيا، رستم عمروف، عن قرب إجراء مشاورات بين مسؤولين رفيعي المستوى من أوكرانيا والولايات المتحدة في سويسرا بهدف بحث “المعايير المحتملة لاتفاقية سلام مستقبلية”. يأتي هذا الإعلان في ظل سعي القيادات الأوروبية لمنح كييف المزيد من الوقت للتوصل إلى إطار جديد لوقف إطلاق النار مع روسيا، بعد أن قدمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خطة اعتبرتها أوكرانيا وحلفاؤها “تنازلاً غير مقبول” لموسكو. هذه التطورات تضع الحرب الروسية الأوكرانية على مفترق طرق حاسم، وتثير تساؤلات حول مستقبل المفاوضات والحلول المحتملة.
مشاورات سويسرية برعاية أمريكية
أكد عمروف، عبر منصة تيليجرام، بدء هذه المشاورات، معرباً عن تقديره لمشاركة الجانب الأمريكي واستعداده لإجراء محادثات جوهرية. ورغم تعديل المنشور لاحقاً وإزالة الإشارة إلى مشاركة شركاء أوروبيين، إلا أن هذا لا ينتقص من أهمية الحوار المباشر بين واشنطن وكييف. وقد وافق الرئيس فولوديمير زيلينسكي على تشكيل وفد رفيع المستوى بقيادة رئيس مكتبه أندريه يرماك، يضم كبار المسؤولين الأمنيين، وتزويدهم بالتوجيهات اللازمة للمفاوضات. المؤكد أن أوكرانيا لن تكون “عقبة أمام السلام”، وستحرص على الدفاع عن مصالح شعبها وأسس الأمن الأوروبي.
خطة السلام المثيرة للجدل
تأتي هذه المشاورات بعد أن سربت واشنطن خطة سلام من 28 نقطة، تضمنت تنازلات كبيرة من جانب أوكرانيا، مثل الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم ومناطق لوغانسك ودونيتسك، وتقييد حجم قواتها المسلحة، والتخلي عن الانضمام إلى حلف الناتو. هذه الشروط أثارت استياءً واسعاً في كييف وحلفائها، واعتبرت بمثابة “تنازل غير مقبول” لصالح روسيا.
إشارات روسية إلى قمة محتملة مع ترمب
في سياق متصل، ألمح نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف إلى احتمال عقد لقاء جديد بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وأشار إلى أن قنوات الحوار بين البلدين لا تزال مفتوحة، وأن الإدارة الأمريكية الحالية “تعترف بصحة تساؤلات روسيا” حول الأسباب الجذرية للصراع في أوكرانيا، بما في ذلك توسع الناتو باتجاه الحدود الروسية. صرح ريابكوف بأن إدارة ترمب هي من بين القلائل التي تدرك وجود “أسباب جذرية” للنزاع، بما في ذلك ما اعتبره “سياسات متهورة” للإدارة الأمريكية السابقة (إدارة جو بايدن) بشأن الناتو. هذا التلميح يثير تساؤلات حول الإمكانية الفعلية لتقارب أمريكي روسي على حساب المصالح الأوكرانية.
تنسيق أوروبي لتقييم الموقف
في المقابل، تعمل أوروبا جاهدةً لتقييم جدية المطلب الأمريكي، وتسعى إلى تقديم تعديلات على الخطة المقترحة بحيث تبدو أكثر بناءة. المستشار الألماني فريدريش ميرتس ناقش الأمر مع ترمب، وتم الاتفاق على استمرار التشاور على مستوى مستشاري الأمن القومي. هذه الخطوة تعكس رغبة أوروبا في أن تكون جزءاً من أي عملية تفاوضية، وأن تحمي مصالحها ومصالح أوكرانيا. المفاوضات الأوكرانية الروسية تتطلب تنسيقاً دولياً مكثفاً لضمان تحقيق حل عادل ومستدام.
قلق أمريكي وتحفظات داخلية
على الرغم من أن ترمب بدا متشدداً في موقفه، إلا أنه أشار أيضاً إلى إمكانية مرونة في الجدول الزمني، قائلاً إن المهل الزمنية قد تُمدد إذا سارت الأمور بشكل جيد. إلا أن هذا لم يمنع تصاعد القلق في واشنطن، حيث ذكرت مصادر أن خطة السلام فاجأت الخارجية وأقلقت الاستخبارات، وأنها نتيجة اجتماع سري عُقد الشهر الماضي بين ممثلين عن إدارة ترمب، وكيريل دميترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي.
بالإضافة إلى ذلك، أبدى أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري الأمريكي تحفظاتهم على الخطة. واعتبروا أنها قد تثير “مشاكل حقيقية” وأنها لا تضمن تحقيق السلام. كما اتهموا روسيا بالاستفادة من ترمب، وحذروا من أن الإدارة الأمريكية قد تكون أكثر اهتماماً بإرضاء موسكو من تحقيق حل للأزمة.
القمة المرتقبة في جوهانسبرج
تأتي هذه التطورات قبيل اجتماع قادة أوروبا على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرج، حيث من المتوقع مناقشة الخطوات المقبلة للتعامل مع المبادرة الأمريكية. وقد ناقش رئيس الوزراء الكندي مارك كارني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ملف أوكرانيا على هامش القمة نفسها، مؤكدين دعمهما لأوكرانيا، وأنه يجب أن تشمل أي تسوية للحرب كييف، وأن تحترم المصالح الأوكرانية، وأن توفر ضمانات أمنية.
في الختام، تشهد الأزمة في أوكرانيا منعطفاً جديداً مع بدء المشاورات الأمريكية الأوكرانية في سويسرا. لكن مستقبل هذه المفاوضات لا يزال مجهولاً، مع وجود خلافات عميقة حول الشروط المطروحة، ومخاوف أوروبية وأمريكية بشأن النوايا الروسية. يبقى الأمل معلقاً على إيجاد حل دبلوماسي ينهي هذا الصراع المدمر، ويضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. لمتابعة آخر التطورات، ندعوكم إلى زيارة موقعنا بانتظام، ومشاركة مقالاتنا مع المهتمين. الوضع في أوكرانيا يتطلب متابعة دقيقة وتحليل معمق لفهم التحديات والفرص المتاحة.












