محادثات روسية أمريكية في الإمارات.. وموسكو تحذّر من الإخلال بـ”نص أنك

في تطور لافت يبعث على الحذر والتفاؤل في آن، تشهد الدبلوماسية المكوكية حول الأزمة الأوكرانية دفعة جديدة، حيث يجري وزير الجيش الأمريكي دان دريسكول محادثات مباشرة مع مسؤولين روس في الإمارات العربية المتحدة. يأتي هذا التحرك بعد توصل واشنطن وأوكرانيا إلى تفاهمات أولية حول خطة السلام المقترحة، والتي شهدت تعديلات جوهرية في أعقاب انتقادات كييف الأولية. هذه الجهود المتسارعة تهدف إلى إيجاد حل دبلوماسي للصراع المستمر، وتتضمن مساعي واضحة لإقناع روسيا بتبني رؤية جديدة لإنهاء الحرب.
آخر المستجدات في مساعي تحقيق السلام في أوكرانيا
أشارت مصادر إلى أن المحادثات بين دريسكول ونظيره الروسي تركز على إيجاد أرضية مشتركة لضمان سلام دائم في أوكرانيا. في الوقت ذاته، تتواجد في أبوظبي وفد أوكراني رفيع المستوى بقيادة رئيس الاستخبارات العسكرية كيريلو بودانوف، للمشاركة في هذه المشاورات الثلاثية.
هذا التشابك في المباحثات يعكس تعقيد الوضع، خاصة وأن التقارير الأولية تشير إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد تغيير في خطط الاجتماعات المتوقعة بين رؤساء المخابرات العسكرية الروسية والأوكرانية، مما يظهر أهمية الدور الأمريكي في توجيه مسار هذه المفاوضات.
تطورات الخطة الأمريكية بعد جولة جنيف
بعد إعلان الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب قبل أسبوع، شهدت الأجواء تقلبات كبيرة. كانت كييف قد أعربت في البداية عن تحفظاتها وانزعاجها من بعض بنود الخطة، إلا أن موقفها بدأ يتحول إلى التفاؤل بعد مراجعة تفصيلية للخطة مع الوفد الأمريكي في جنيف.
النتيجة كانت إطار اتفاق مُحدّث ومُحسّن، تم تقليص عدد بنوده من 28 إلى 19 نقطة فقط. هذا التخفيض يهدف إلى تبسيط الاتفاق وتقليل نقاط الخلاف المحتملة مع روسيا. ووفقًا لمسؤولين أوكرانيين، فقد وافقت واشنطن على تعزيز مسودة الضمانات الأمنية المتضمنة في الخطة.
نقاط الاتفاق الرئيسية بين واشنطن وكييف
تركزت أغلب التفاهمات بين الوفدين الأوكراني والأمريكي حول تحديد نطاق التفاوض، وتقييد القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات. أهم هذه النقاط:
- قضية التنازلات الإقليمية: تم الاتفاق على أن التفاوض بشأن التنازلات الإقليمية المحتملة سيكون أمرًا متروكًا للرئيسين زيلينسكي وترامب.
- استبعاد القضايا الخارجية: تم الاتفاق على استبعاد القضايا التي لا ترتبط بشكل مباشر بالسلام في أوكرانيا، مثل الأمن الأوروبي، ومستقبل حلف الناتو، والعلاقات الأمريكية الروسية. هذا الإجراء يهدف إلى التركيز على الجوانب الأساسية للصراع وتجنب الدخول في تفاصيل معقدة قد تعرقل عملية السلام.
- تعزيز الضمانات الأمنية: وافقت الولايات المتحدة على تعزيز الضمانات الأمنية التي تقدمها لأوكرانيا في إطار الاتفاق المقترح.
رد فعل روسيا والتمسك بـ “نص أنكوريج”
لم يلق رد فعل موسكو نفس القدر من التفاؤل. حذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من أن روسيا لن تقبل أي خطة سلام تنحرف عن التفاهمات التي يعتقد بوتين أنه توصل إليها مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في قمة ألاسكا.
وأشار لافروف إلى أهمية الحفاظ على ما أسماه “نص أنكوريج”، وهو مجموعة من التفاهمات غير الرسمية التي توصلت إليها موسكو وواشنطن بشأن حل الصراع في أوكرانيا. وأكد أن أي محاولة لمحو هذا “النص” من التفاهمات الرئيسية ستؤدي إلى تغيير جذري في موقف روسيا. و قد يكون هذا بمثابة الشرط الأساسي الذي تطلبه موسكو للمضي قدمًا في أي مفاوضات جادة.
زيارة زيلينسكي المحتملة لواشنطن
على ضوء هذه التطورات، تشير الأنباء إلى أن أوكرانيا تتطلع إلى تنظيم زيارة للرئيس زيلينسكي إلى واشنطن في أقرب وقت مناسب في نوفمبر الجاري، بهدف إبرام اتفاق نهائي مع الرئيس الأمريكي. ومع ذلك، لم يتم تحديد موعد الزيارة بشكل رسمي حتى الآن. يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الجهود الدبلوماسية في إقناع روسيا بتبني خطة السلام المعدلة، وهل ستشهد أوكرانيا والأمن الإقليمي استقرارًا في المستقبل القريب؟
في ظل هذه المستجدات، يبقى التمسك بالحوار والبحث عن حلول سياسية هو السبيل الأمثل لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ويبقى دور القوى الفاعلة على الساحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والإمارات، حاسمًا في تحديد مستقبل المفاوضات والوصول إلى توافق يضمن السلام الدائم في أوكرانيا.












