اخبار مصر

“قلبت ميزان البيت”.. كيف تأقلم المصريون مع زيادة الوقود الأخيرة؟

كتب : آية محمد , أحمد الخطيب



06:11 م


06/11/2025


بشكل يومي، تجلس وفاء عبد الرحمن، سيدة خمسينية، لتدون بعناية ما تنفقه أسرتها كل يوم في دفتر صغير تحتفظ به على الطاولة تسجل فيه مصروفات المواصلات والطعام، بعدما أصبحت الأرقام تتغير سريعًا منذ زيادة أسعار البنزين الأخيرة.

أثارت الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين موجة جديدة من الضغوط على ميزانيات الأسر المصرية، حيث تسببت في ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام، خاصة في بند المواصلات الذي أصبح يلتهم جزءًا أكبر من الدخل الشهري.

كانت لجنة تسعير المواد البترولية قررت في منتصف الشهر الماضي، رفع أسعار المحروقات بنحو جنيهين للتر للمرة الثانية خلال عام 2025، ليصل سعر لتر السولار إلى 17.5 جنيه، وبنزين 80 إلى 17.75 جنيه، وبنزين 92 إلى 19.25 جنيه، وبنزين 95 إلى 21 جنيهًا للتر.

تقول وفاء، وهي أم لابنتين، إن الأيام الأخيرة باتت أكثر صعوبة، بعدما ارتفعت تكاليف المواصلات لتستحوذ على جزء كبير من دخل الأسرة، مضيفة أن “الزيادة الأخيرة قلبت ميزان البيت كله.”

وأوضحت وفاء، وهي سيدة منزل وزوجة لرجل يعمل محاسب في إحدى الشركات الخاصة، أن مصروف المواصلات الشهري لابنتها الكبرى ارتفع بنحو 500 جنيه منذ بدء الزيادة، لتصل المصروفات إلى نحو 2000 جنيه بدلًا من 1500 جنيه، قائلة: “قبل البنزين كانت المشاوير أوفر بكتير، لكن دلوقتي الأجرة زادت في كل الخطوط، والمواصلات اللي كانت بـ 8 جنيهات بقت بـ 10 جنيهات، والمصاريف الشهرية وصلت لـ 2000 جنيه لمواصلات بنت واحدة بس.”

وأضافت أن ابنتها الكبرى تتحمل يوميًا تكلفة أكبر في التنقل إلى جامعتها، بينما تواجه ابنتها الثانية، الطالبة في المرحلة الثانوية، نفس المعاناة، موضحة: “بنتي الصغيرة كانت بتصرف 90 جنيها في اليوم مواصلات، دلوقتي بقت 110، وده وهي بتنزل 3 أيام في الأسبوع بس عشان نوفر المصاريف”.

وتشير المرأة الخمسينية إلى أن الزيادة لم تتوقف عند المواصلات فقط، بل امتدت إلى الطعام والمشروبات اليومية، ما جعل الأسرة تعيد حساباتها في كل تفصيلة صغيرة داخل البيت.

وتابعت: “بقينا نحسب كل جنيه بنصرفه، الفلوس مبقتش تكفي زي زمان”.

بدوره، يقول علي محمد، البالغ من العمر 31 عامًا، إنه منذ الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين، ارتفعت تكاليف المعيشة بصورة ملحوظة.

وأوضح محمد، الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة، أنه يضطر يوميًا لاستخدام المواصلات للذهاب إلى عمله، وأن ما كان ينفقه في السابق لم يعد كافيًا بعد الارتفاعات الأخيرة في الأجرة.

ويضيف: “كنت بصرف في الشهر حوالي 250 جنيها مواصلات، دلوقتي المبلغ بقى يوصل لـ 350 جنيها، ده غير فلوس الأكل في الشغل”.

وأشار إلى أن الزيادة لم تتوقف عند الانتقالات فقط، لكنها امتدت إلى تفاصيل الحياة اليومية، ما أجبره على إعادة ترتيب ميزانية البيت.

وتابع: “كل حاجة بقت أغلى، فبدأت أتنازل عن حاجات بسيطة كنت بعملها، زي القعدة مع صحابي على القهوة أو الخروجة الأسبوعية أنا ومراتي، اللي بقت مرتين في الشهر بالعافية”.

وأكد أن أسرته الصغيرة، المكونة من زوجته وابنته، تحاول الحفاظ على نمط حياة مستقر لكن استمرار ارتفاع الأسعار جعل الأمر أكثر صعوبة، مضيفًا: “اضطرينا نستغنى عن معظم مظاهر الرفاهية عشان نقدر نغطي الأساسيات بس”.

وفي الإسكندرية، يواجه محمود عبد النبي، موظف حكومي الموقف ذاته، حيث دفعته الزيادة الأخيرة إلى إعادة تنظيم تنقلاته اليومية لتقليل النفقات قدر الإمكان.

يقول عبد النبي: “منذ ارتفاع الأسعار، بقيت أستخدم العربية في أضيق الحدود، بس عشان أروح الشغل أو أوصل مراتي وأولادي، وبقيت أقودها للضرورة فقط”.

وأشار إلى أن تكلفة تعبئة الوقود ارتفعت بأكثر من 200 جنيه في المرة الواحدة، موضحًا: “كنت أملأ الخزان بـ 600 جنيه، دلوقتي محتاج أكتر من 800 جنيه لنفس الكمية، وده فارق كبير في المصروف الشهري”.

يضيف عبد النبي أن هذه الزيادة أجبرته على تعديل عاداته الاجتماعية: “لما أصحابي يدعوني للخروج، أفضل أروح معاهم في عربية حد فيهم بدل ما أستخدم عربيتي، كل مشوار محتاج حساب”.

ويؤكد أنه فكر جديًا في بيع السيارة، لكنه تراجع بسبب ظروف الطقس في الإسكندرية خلال الشتاء: “كنت ناوي أبيعها، بس المطر بيخليني مضطر أحتفظ بيها، خصوصًا إن الشتاء عندنا صعب”.

أما شهد عبد العظيم، طالبة جامعية من محافظة سوهاج، فتصف معاناتها اليومية مع المواصلات بأنها أصبحت عبئًا حقيقيًا بعد ارتفاع أسعار الوقود.

تقول شهد: “بركب توك توك من البيت للموقف بـ 50 جنيها، وبعدها عربية أجرة للمدينة بـ 18 جنيها، وبعدين وسيلة تانية للكلية بـ 5 جنيهات، وده رايح جاي كل يوم”.

وأشارت إلى أن بند المواصلات وحده يستهلك قدرًا كبيرًا من مصروفها: “الرحلة الواحدة شكلها بسيط، لكنها بتكلفني أكتر من 200 جنيه في الأسبوع، يعني حوالي ألف جنيه في الشهر، وده بس للمواصلات”.

تضيف أن ارتفاع الأسعار أصبح عبئًا مشتركًا بين الطلاب وأسرهم: “التحرك اليومي للجامعة بقى تحدي، لازم نوازن بين التعليم والمصاريف اللي بتزيد كل يوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى