سوريا: آلاف العلويين يتظاهرون ضد “تمييز الحكومة”

تتصاعد التوترات في سوريا مع خروج آلاف المتظاهرين من الطائفة العلوية إلى الشوارع في المناطق الوسطى والساحلية، احتجاجًا على ما يرونه إجراءات تمييزية من الحكومة السورية الجديدة. هذه الاحتجاجات، التي اندلعت الثلاثاء، تأتي في أعقاب حادثة مقتل زوجين من قبيلة بدوية وتجدد الاشتباكات بين الطرفين، مما يثير مخاوف بشأن استقرار البلاد ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي. يركز هذا المقال على تفاصيل هذه الاحتجاجات، مطالب المتظاهرين، وردود فعل الحكومة، والخلفيات التي أدت إلى هذا التصعيد، مع التركيز على مصطلح حقوق العلوية في سوريا كونه المحور الرئيسي للأحداث.
تطورات الاحتجاجات الأخيرة ومطالب المتظاهرين
اندلعت الاحتجاجات في مدن رئيسية مثل اللاذقية وطرطوس وحمص، حيث خرج المتظاهرون العلويون حاملين شعارات تطالب بالمساواة والحماية. ووفقًا لتقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين في بعض المناطق، مما أدى إلى إصابة شخص واحد على الأقل. بينما أكدت السلطات السورية أنها كانت تعمل على حماية المتظاهرين ومنع أي أعمال عنف.
دوافع الاحتجاجات المباشرة
تعتبر حادثة مقتل الزوجين البدوين في حمص الشرارة المباشرة للاحتجاجات. فقد أدى هذا الحادث إلى رد فعل عنيف من قبل بعض أفراد القبيلة، الذين هاجموا حيًا يقطنه غالبية علوية في المدينة. هذا الهجوم أثار غضبًا واسعًا في أوساط الطائفة العلوية، وشعروا بأنهم يتعرضون للتهديد والتهميش من قبل الحكومة الجديدة.
المطالب الرئيسية للمتظاهرين
بالإضافة إلى المطالبة بالعدالة في قضية مقتل الزوجين البدوين، رفع المتظاهرون عدة مطالب رئيسية، أبرزها:
- الحق في تقرير المصير: وهو مطلب يثير جدلاً واسعًا، حيث يرى البعض أنه يهدف إلى الحصول على حكم ذاتي أو استقلال للطائفة العلوية.
- الإفراج عن المعتقلين العلويين: يطالب المتظاهرون بإطلاق سراح جميع العلويين الذين تم اعتقالهم منذ سقوط نظام بشار الأسد.
- وقف العنف ضد الطائفة العلوية: يطالبون بضمانات لحماية أفراد طائفتهم من أي أعمال عنف أو تمييز.
- المساواة في الحقوق والفرص: السعي لتحقيق المساواة الكاملة بين جميع المكونات السورية، بما في ذلك العلوية، في الحقوق والفرص السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
دعوة الزعيم الروحي للاحتجاجات السلمية
لعب الزعيم الروحي للطائفة العلوية في سوريا، غزال غزال، دورًا محوريًا في تحفيز الاحتجاجات. فقد أصدر غزال مقطع فيديو دعى فيه أنصاره إلى تنظيم “احتجاجات سلمية” للتعبير عن مطالبهم. هذه الدعوة ساهمت في زيادة زخم الاحتجاجات وتوسيع نطاقها. وتأتي دعوة غزال في سياق شعور متزايد بالإحباط واليأس بين أفراد الطائفة العلوية، الذين يشعرون بأنهم مهمشون ومنسيون في ظل الحكومة الجديدة.
خلفيات الأزمة وتصاعد التوترات الطائفية
تعود جذور الأزمة الحالية إلى سنوات طويلة من التوترات الطائفية في سوريا. فقد كانت الطائفة العلوية تتمتع بنفوذ كبير في ظل حكم بشار الأسد، بينما تعرضت الطوائف الأخرى للتهميش والقمع. بعد سقوط نظام الأسد، بدأت موازين القوى تتغير، وشعر العلويون بأنهم يتعرضون للانتقام والتصفية.
التمييز المزعوم من قبل الحكومة الجديدة
يتهم العلويون الحكومة السورية الجديدة بممارسة التمييز ضدهم في مختلف المجالات، بما في ذلك التوظيف والتعليم والإسكان. ويقولون إنهم يتعرضون للتحرش والاعتداء من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة، وأن الحكومة لا تفعل ما يكفي لحمايتهم. هذه الاتهامات تزيد من حدة التوتر وتعمق الانقسامات الطائفية في البلاد.
دور العوامل الخارجية
لا يمكن إغفال دور العوامل الخارجية في تأجيج التوترات الطائفية في سوريا. فقد تدخلت دول إقليمية ودولية في الصراع السوري، ودعمت أطرافًا مختلفة، مما ساهم في تعقيد المشهد وزيادة حدة الانقسامات. كما أن الدعاية الطائفية التي تبثها بعض وسائل الإعلام الخارجية تلعب دورًا في تأجيج الكراهية والعنف. إن فهم هذه العوامل الخارجية أمر ضروري لتحليل الأزمة السورية بشكل شامل.
مستقبل حقوق العلوية في سوريا والتحديات القادمة
إن مستقبل حقوق العلوية في سوريا يظل غير واضحًا. فمن ناحية، هناك حاجة ملحة إلى تحقيق المصالحة الوطنية وضمان المساواة في الحقوق لجميع السوريين، بغض النظر عن طائفتهم أو عرقهم أو دينهم. ومن ناحية أخرى، هناك تحديات كبيرة تواجه عملية المصالحة، بما في ذلك الانقسامات الطائفية العميقة، وتصاعد العنف، وتدخل القوى الخارجية.
لضمان حماية حقوق العلوية في سوريا، يجب على الحكومة السورية اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة مظالمهم، وضمان مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما يجب عليها محاسبة المسؤولين عن ارتكاب أعمال عنف أو تمييز ضدهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يلعب دورًا بناءً في دعم عملية المصالحة، وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للمتضررين من الصراع.
في الختام، تمثل الاحتجاجات الأخيرة التي قادها العلويون في سوريا مؤشرًا على عمق الأزمة التي تعاني منها البلاد. إن حل هذه الأزمة يتطلب معالجة جذور التوترات الطائفية، وضمان المساواة في الحقوق لجميع السوريين، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة. ندعو جميع الأطراف السورية إلى الحوار والتفاوض، والعمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لجميع السوريين. شارك هذا المقال مع الآخرين للمساهمة في نشر الوعي حول حقوق العلوية في سوريا والتحديات التي تواجهها.












