حماس” تتهم إسرائيل بمخالفة خرائط الانسحاب من غزة وتطالب بـ”تدخل عاجل

في ظلّ التهديدات المتصاعدة لـ وقف إطلاق النار في غزة، اتهمت حركة حماس الجيش الإسرائيلي بشنّ “خروقات فاضحة” و”محاولات لتقويض” الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي. هذه الاتهامات تأتي في وقتٍ يراقب فيه المجتمع الدولي عن كثب استقرار الوضع الإنساني والأمني في القطاع، وتزداد المخاوف بشأن مستقبل العملية التفاوضية. تشكل هذه التطورات تحدياً جديداً للجهود المبذولة لإنهاء الصراع الدائر منذ شهور، وتثير تساؤلات حول التزام الأطراف بالاتفاق.
حماس تتهم إسرائيل بتغيير مسارات الانسحاب
أكدت حركة حماس في بيان صحفي، صدر يوم السبت، أنّ الجيش الإسرائيلي يقوم بتغييرات جوهرية على “الخط الأصفر” وخطوط الانسحاب الأخرى المنصوص عليها في خرائط اتفاق وقف إطلاق النار. ووصفت هذه التغييرات بأنها “خروقات فاضحة” تهدف إلى إعادة السيطرة على مناطق تم الاتفاق على إخلائها، وتقويض جهود إعادة الإعمار وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين.
تضمنت الاتهامات الموجهة من حماس الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يقوم بالتقدم اليومي نحو الغرب، متجاوزًا الخط الأصفر، مما يتسبب في نزوح جماعي للسكان. بالإضافة إلى ذلك، اتهمت الحركة إسرائيل بشن غارات جوية وقصف مدفعي على مناطق شرق القطاع، رغم الالتزام المفترض بوقف القتال.
تأثيرات الخروقات على الأرواح المدنية
الأكثر إيلاماً في اتهامات حماس هو تأكيدها بأن هذه “الخروقات الممنهجة” قد أودت بحياة مئات الفلسطينيين منذ توقيع الاتفاق. تزعم الحركة أن القتلى سقطوا نتيجة “غارات وعمليات قتل متواصلة تحت ذرائع مختلقة”. كما أشارت إلى أن هذه الخروقات تؤدي إلى تغييرات في خطوط انسحاب الجيش الإسرائيلي، مما يتعارض بشكل مباشر مع الخرائط المتفق عليها. هذه الادعاءات تضع ضغوطًا إضافية على إسرائيل للتحقق من دقة هذه المعلومات واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية المدنيين.
دعوات للتدخل الدولي والضغط على إسرائيل
دعت حماس الوسطاء الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة ومصر وقطر، إلى “التدخل العاجل” و”الضغط لوقف هذه الخروقات فوراً”. وشددت على رفضها لأي محاولات من الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو لفرض “أمر واقع” يتعارض مع بنود الاتفاق. وتطالب الحركة الإدارة الأمريكية بشكل خاص بالوفاء بتعهداتها وإلزام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها وفقًا للاتفاق المبرم.
هذا الطلب يمثل تصعيدًا في موقف حماس، ويشير إلى فقدان الثقة في قدرة الوسطاء على ضمان احترام إسرائيل لبنود الاتفاق. ويتزامن مع تزايد الانتقادات الدولية للطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع تنفيذ الاتفاق وتخفيف الحصار عن غزة.
تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار والخطوط المتفق عليها
تم التوصل إلى الاتفاق بين إسرائيل وحماس برعاية دولية، في أكتوبر الماضي، بهدف وقف القتال وتبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين. وشمل الاتفاق أيضًا انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا إلى خطوط محددة مرتبطة بمراحل تطبيق خطة الرئيس الأمريكي لإنهاء الحرب.
- الخط الأصفر: يمثل أول خط انسحاب للجيش الإسرائيلي، ويسمح لإسرائيل بالسيطرة على نحو 53% من أراضي غزة.
- الخط الأحمر: المرحلة الثانية من الاتفاق تنص على خط انسحاب ثانٍ، مع نشر قوة استقرار دولية مؤقتة.
- المنطقة الأمنية العازلة: الخط الثالث يحدد منطقة أمنية عازلة تهدف إلى منع استئناف القتال.
قرار الأمم المتحدة حول قوة الاستقرار والرفض الفلسطيني
في تطور موازٍ، اعتمد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، قرارًا يسمح بإنشاء “قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة”، وذلك بمبادرة من الولايات المتحدة. إلا أن حركة حماس رفضت القرار، معتبرةً أنه “يفرض آلية وصاية دولية” على القطاع، ويقوض السيادة الفلسطينية. هذا الرفض يعكس تحفظات الحركة بشأن أي تدخل أجنبي في غزة، ويدعو إلى ضرورة إيجاد حلول تحترم الإرادة الفلسطينية وتهدف إلى تحقيق الاستقرار الدائم.
الوضع الإنساني والعودة إلى المنازل
على الرغم من التوترات، فإن وقف إطلاق النار ساهم في تخفيف حدة الصراع، مما سمح لمئات الآلاف من الفلسطينيين بالعودة إلى أنقاض منازلهم. كما سحبت إسرائيل قواتها من بعض المواقع في المدن، وسمحت بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وبموجب الاتفاق، أطلقت حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء العشرين، في مقابل إطلاق سراح قرابة ألفي أسير فلسطيني لدى إسرائيل.
ومع ذلك، لا يزال الوضع الإنساني في غزة هشًا للغاية، حيث يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والماء والدواء والإسكان. كما أن الخروقات المستمرة للاتفاق تهدد بتقويض جهود إعادة الإعمار وتحسين الظروف المعيشية.
تزايد أعداد الضحايا بعد وقف إطلاق النار
تشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة إلى أن الجيش الإسرائيلي قتل ما يزيد عن 312 فلسطينيًا منذ توقيع الاتفاق. كما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن 67 طفلاً على الأقل لقوا حتفهم في حوادث مرتبطة بالصراع منذ بدء وقف إطلاق النار.
هذه الأرقام المروعة تسلط الضوء على خطورة الوضع في غزة، وتزيد من الضغوط على الأطراف المتنازعة للالتزام الكامل بالاتفاق وحماية المدنيين. وأكدت منظمة أطباء بلا حدود علاجها لنساء وأطفال فلسطينيين مصابين جراء غارات جوية وإطلاق نار، حتى بعد مرور ستة أسابيع على الاتفاق.
باختصار، يواجه وقف إطلاق النار في غزة تحديات كبيرة بسبب الاتهامات المتبادلة بالخروقات، وتغيير مسارات الانسحاب، ورفض الفلسطينيين لقرار الأمم المتحدة حول قوة الاستقرار. يتطلب الوضع تدخلًا دوليًا عاجلاً وضغوطًا متزايدة على إسرائيل لضمان احترام الاتفاق وحماية المدنيين، وتحسين الظروف الإنسانية في القطاع. إلا إذا تم تحقيق الاستقرار الدائم، فإن خطر اندلاع صراع جديد يظل قائمًا.












