اخبار مصر

استشاري نفسي يحلل أسباب الطلاق لدى الأزواج الجدد

التركيز على ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعاتنا العربية والمصرية يغفل عن السبب الجذري الحقيقي لهذه الظاهرة، وهو ما أكده الدكتور مهاب مجاهد، أستاذ الأمراض النفسية وعضو مجلس الشيوخ، خلال حواره التلفزيوني الأخير. فبدلاً من إلقاء اللوم على استسهال الطلاق نفسه، يرى الدكتور مجاهد أن المشكلة تكمن في استسهال الزواج وسوء الاختيار من البداية، وهو ما يفسر الإحصائيات المقلقة التي نشهدها. هذا المقال يستعرض رؤية الدكتور مجاهد حول أسباب الطلاق وتأثير العوامل النفسية والاجتماعية على استقرار الأسرة.

أسباب الطلاق: نظرة مختلفة تتجاوز الاستسهال

غالبًا ما يتم تصوير الطلاق على أنه نتيجة لضعف الروابط الزوجية أو التغيرات الاجتماعية التي تجعل إنهاء الزواج أمرًا أسهل. ومع ذلك، يشدد الدكتور مهاب مجاهد على أن هذه مجرد أعراض وليست الأسباب الحقيقية. فالسبب الجذري يكمن في عملية الاختيار نفسها، وكيفية بناء العلاقات الأولية التي تؤثر على قدرة الفرد على تكوين أسرة صحية. الإحصائيات المرتفعة للطلاق في مصر والعالم العربي ليست مجرد أرقام، بل هي انعكاس لمشاكل أعمق تتعلق بالتربية والتنشئة الاجتماعية.

التشوهات الفكرية وتأثيرها على تكوين الأسرة

يشير الدكتور مجاهد إلى ثلاثة تشوهات فكرية رئيسية تؤثر بشكل كبير على قدرة الأفراد على بناء أسرة مستقرة. هذه التشوهات ليست مجرد مفاهيم نظرية، بل هي أنماط سلوكية متجذرة تؤثر على طريقة تفكيرنا وعلاقاتنا.

تشوه قصة الحب الأولى: علاقة الابن بأمه والبنت بأبوها

أول هذه التشوهات يتعلق بالعلاقة الأولية بين الأبناء ووالديهم. فالعلاقة الصحية بين الابن وأمه، والبنت وأبوها، تلعب دورًا حاسمًا في بناء شخصية الفرد وتحديد قدرته على إقامة علاقات صحية في المستقبل. فالطفل الذي يشعر بالحب والاهتمام والدعم من والديه ينمو ليصبح شخصًا واثقًا من نفسه، قادرًا على الحب والعطاء، وبالتالي أكثر قدرة على اختيار شريك حياة مناسب. بالمقابل، الطفل الذي يعاني من نقص عاطفي أو سوء معاملة قد يجد صعوبة في بناء علاقات صحية، وقد يكرر أنماط السلوك السلبية التي تعلمها في طفولته.

تشوه هوية النوع: أدوار الجنسين في الأسرة

التشوه الثاني يتعلق بـ هوية النوع، أي فهم الأدوار التقليدية للذكور والإناث. الدكتور مجاهد يوضح أن الذكر يولد ذكراً والأنثى أنثى، ويتوقع منهما ممارسة الأدوار المناسبة لجنسهما. اختلال هذا الدور داخل الأسرة، وخاصةً سلوك الأب، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل كبيرة. فالأب الذي يفتقر إلى الرجولة أو يمارس سلوكيات سلبية يمكن أن يؤثر سلبًا على أبنائه، مما يجعلهم يتبنون نفس النماذج السلوكية الخاطئة.

تأثير سوء السلوك على الأجيال القادمة

هذه الأنماط السلوكية الخاطئة تنتقل من جيل إلى جيل، مما يخلق حلقة مفرغة من سوء السلوك داخل الأسر. فالأبناء الذين نشأوا في بيئة أسرية غير صحية قد يجدون صعوبة في بناء علاقات صحية، وقد يكررون نفس الأخطاء التي ارتكبها آباؤهم. لذلك، من الضروري معالجة هذه التشوهات الفكرية من خلال التوعية والتثقيف النفسي.

الزواج الصحي: أسس واختيارات

إن فهم هذه التشوهات الفكرية يساعدنا على فهم أهمية الاختيار الصحي لشريك الحياة. فالزواج ليس مجرد عقد قانوني، بل هو شراكة عاطفية واجتماعية تتطلب توافقًا فكريًا ونفسيًا. يجب على الأفراد أن يكونوا واعين بذواتهم وباحتياجاتهم، وأن يختاروا شريكًا يتشارك معهم نفس القيم والأهداف. الطلاق ليس الحل الأمثل للمشاكل الزوجية، ولكن الوقاية خير من العلاج، والوقاية تبدأ بالاختيار الصحي.

الطلاق في مصر والعالم العربي: أرقام تتطلب وقفة

الإحصائيات المتعلقة بـ الطلاق في مصر والعالم العربي مقلقة للغاية. وتشير إلى أن معدلات الطلاق في ارتفاع مستمر، مما يعكس تفاقم المشاكل الأسرية. هذه الأرقام تتطلب وقفة جادة من المجتمع والمؤسسات المعنية، وتستدعي بذل جهود مكثفة للتوعية والتثقيف النفسي، وتقديم الدعم للأسر التي تواجه صعوبات. الطلاق يؤثر سلبًا على جميع أفراد الأسرة، وخاصةً الأطفال، لذلك يجب علينا العمل معًا لمنع حدوثه.

في الختام، إن معالجة ظاهرة الطلاق تتطلب نظرة شاملة تتجاوز الاستسهال وتركز على الأسباب الجذرية. فالتركيز على التوعية والتثقيف النفسي، ومعالجة التشوهات الفكرية، وتشجيع الاختيار الصحي لشريك الحياة، هي خطوات ضرورية لبناء أسر مستقرة ومجتمعات صحية. ندعوكم لمشاركة هذا المقال مع أصدقائكم وعائلاتكم، والمساهمة في نشر الوعي حول هذه القضية الهامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى