وسط ضغوط في الكونجرس.. ترمب يبحث مع مستشاريه الخطوات المقبلة بشأن فنزويلا

اجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع كبار المسؤولين للأمن القومي في البيت الأبيض، الاثنين، لمناقشة الخطوات التالية بشأن فنزويلا، في ظل تصاعد التوترات وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية. يأتي هذا الاجتماع في أعقاب ضربات عسكرية أمريكية في البحر الكاريبي، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول قانونيتها وأهدافها، وتحديداً فيما يتعلق بتقارير عن استهداف ناجين من قوارب يُشتبه في ارتباطها بتهريب المخدرات. هذا التطور يضع فنزويلا في قلب اهتمامات الإدارة الأمريكية، ويستدعي تقييماً دقيقاً للخيارات المتاحة.
اجتماع البيت الأبيض وتصعيد الضغط على فنزويلا
عقد الرئيس ترمب هذا الاجتماع الهام مع كبار مستشاريه في الأمن القومي لمناقشة سبل زيادة الضغط على فنزويلا، بالإضافة إلى قضايا أخرى ذات أهمية استراتيجية. ووفقاً لمسؤول أمريكي كبير، فقد ركزت المحادثات على استكشاف خيارات جديدة للتعامل مع الأزمة الفنزويلية، والتي تتفاقم بسبب ما تصفه الولايات المتحدة بـ “شحنات المخدرات” القادمة من البلاد. ضم الاجتماع، الذي عُقد في المكتب البيضاوي، شخصيات بارزة في فريق ترمب للأمن القومي، بما في ذلك وزير الدفاع بيت هيجسيث، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، ونائبها ستيفن ميلر.
خلفية التوتر: إغلاق المجال الجوي وتصريحات ترمب
تصاعدت حدة التوتر في الأيام الأخيرة بعد تصريحات الرئيس ترمب التي دعا فيها إلى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها “مغلقاً بالكامل”. هذه التصريحات، التي لم يتبعها توضيح بشأن آليات التنفيذ، أثارت قلقاً وارتباكاً في كراكاس، وزادت من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين. كما أكد ترمب أنه أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي تعتبره الولايات المتحدة رئيساً غير شرعي، دون الكشف عن تفاصيل المكالمة.
الضربات العسكرية في الكاريبي والتحقيقات الجارية
تأتي هذه التطورات في سياق عمليات عسكرية أمريكية متزايدة في البحر الكاريبي، تستهدف قوارب يُشتبه في تورطها في تهريب المخدرات. وقد حشد الجيش الأمريكي أكثر من 12 سفينة حربية و15 ألف جندي في المنطقة، ضمن ما أطلق عليه البنتاجون اسم “عملية رمح الجنوب”. لكن هذه العمليات أثارت جدلاً قانونياً وأخلاقياً، خاصة بعد ظهور تقارير عن استهداف ناجين من تلك القوارب.
اتهامات بجرائم حرب وتحقيقات الكونجرس
يتعرض ترمب والقادة العسكريون لضغوط متزايدة من الكونجرس بشأن قانونية هذه الضربات، وخاصة بعد تقارير تشير إلى أن الجيش الأمريكي نفذ ضربة ثانية على قارب لقتل ناجيين اثنين في الثاني من سبتمبر الماضي. السيناتور المستقل أنجوس كينج وصف هذه الأفعال بأنها “جريمة حرب صريحة” و “قتل عمد” إذا صحت الوقائع. وتجري الآن تحقيقات من قبل الكونجرس، بما في ذلك لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ برئاسة مارك وورنر، للتحقق من هذه الادعاءات. وتطالب هذه اللجان بالحصول على فيديو غير محرر للضربة لتحديد ما إذا كان الناجون شكلوا تهديداً حقيقياً.
ردود فعل من الإدارة الأمريكية
في محاولة للتخفيف من حدة الانتقادات، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن ترمب “يجتمع مع فريقه للأمن القومي حول هذا الموضوع والعديد من القضايا”، مؤكدة أن هذا جزء من مسؤوليته لضمان السلام العالمي. وكشفت ليفيت عن هوية المسؤول الذي أمر بالضربة الثانية، وهو فرانك برادلي، قائد قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، مشيرة إلى أنه كان يتصرف “ضمن حدود سلطته تماماً” بتفويض من وزير الدفاع هيجسيث. ودافع هيجسيث عن برادلي، واصفاً إياه بـ “البطل الأمريكي” ومؤكداً دعمه الكامل لقراراته القتالية.
موقف ترمب الشخصي
على الرغم من الدفاع عن الضربة من قبل هيجسيث، أعرب الرئيس ترمب عن تحفظه الشخصي، قائلاً إنه “لم يكن ليؤيد” توجيه ضربة ثانية. ويبدو أن هذا التصريح يثير تساؤلات حول مدى علم ترمب بتفاصيل العملية، وما إذا كان قد تم إطلاعه بشكل كامل على الأوامر الصادرة.
رد فعل مادورو وتأكيد الولاء للشعب
من جانبه، أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في خطاب له أمام حشد قرب القصر الرئاسي، “الولاء المطلق” للشعب الفنزويلي. واستحضر ذكرى سلفه هوجو تشافيز، مؤكداً أنه سيظل وفياً لشعبه حتى لو كلفه ذلك حياته وراحته. هذا الخطاب يهدف إلى تعزيز الدعم الشعبي لمادورو في مواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة. الأزمة في فنزويلا تتطلب حلولًا دبلوماسية وسياسية شاملة.
الخلاصة: مستقبل العلاقات بين واشنطن وكراكاس
تُظهر التطورات الأخيرة تصعيداً كبيراً في التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث تستمر الإدارة الأمريكية في ممارسة الضغط على مادورو بهدف إجباره على التنحي عن السلطة. ومع ذلك، فإن الضربات العسكرية في البحر الكاريبي والاتهامات الموجهة لقادة الجيش الأمريكي تثير قلقاً قانونياً وأخلاقياً، وقد تؤدي إلى تفاقم الأزمة. يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين معلقاً على نتائج التحقيقات الجارية، وقدرة الأطراف المعنية على إيجاد حلول دبلوماسية وسياسية للأزمة. متابعة التطورات في الأمن القومي الأمريكي و تأثيرها على المنطقة أمر بالغ الأهمية.












