واشنطن عن نزع سلاح “حماس”: نركز على قدرات تهدد إسرائيل

في خضم التطورات المتسارعة في ملف غزة، أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، على ضرورة التركيز على نزع سلاح حماس كعنصر أساسي نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها يوم الجمعة، على هامش اجتماع يجمع الإدارة الأمريكية مع الوسطاء الرئيسيين في اتفاق غزة، لمناقشة الخطوات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. يمثل هذا التحرك الأمريكي تعقيدًا إضافيًا في تلاشي الأمل في تحقيق اتفاق دائم ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
اجتماع ميامي والجهود الدبلوماسية المكثفة
استضافت مدينة ميامي في ولاية فلوريدا اجتماعًا رفيع المستوى ضم الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، بهدف إحياء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب في غزة. يعكس هذا الاجتماع قلقًا متزايدًا من تباطؤ وتيرة التنفيذ من قبل كل من إسرائيل وحركة حماس، ورغبة أمريكية في دفع الأطراف نحو الوفاء بالتزاماتها.
أفاد مسؤولون في البيت الأبيض بأن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، قاد المحادثات مع نظرائه من الدول الوسيطة، مركزًا على سبل الضغط على الطرفين لتسريع وتيرة التقدم. ويشير مصدران مطلعان إلى أن كلا الطرفين يبديان ميلًا نحو الحفاظ على الوضع الراهن، مما يعقد جهود تحقيق انفراجة حقيقية.
تفاصيل خطة “شروق الشمس” لإعادة إعمار غزة
بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن تفاصيل خطة طموحة أعدتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإعادة إعمار غزة، تحت اسم “شروق الشمس” (Sunrise). تهدف الخطة إلى تحويل القطاع إلى مدينة تكنولوجية متطورة، مع استثمارات ضخمة تقدر بـ 112.1 مليار دولار على مدى السنوات العشر الأولى.
تعتمد الخطة على مزيج من المنح والديون الجديدة، حيث تتوقع الولايات المتحدة تقديم دعم مباشر بنسبة 20% أو أكثر من إجمالي التمويل. كما سيضطلع البنك الدولي بدور رئيسي في عملية التمويل، مع تخصيص الجزء الأكبر من الموارد الأولية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة.
التركيز على التنمية الاقتصادية والبنية التحتية
تركز خطة “شروق الشمس” على تطوير البنية التحتية في غزة، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعات التعليم والصحة والتكنولوجيا. كما تهدف إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتنمية القطاع الخاص.
نزع سلاح حماس: الشرط الأساسي لتحقيق السلام
أكد ماركو روبيو أن نزع سلاح حماس يمثل شرطًا أساسيًا لتحقيق السلام المستدام في المنطقة. وأوضح أن عملية نزع السلاح يجب أن تكون شاملة، وأن تركز على استهداف جميع أنواع الأسلحة والقدرات والوسائل التي تمكن الحركة من تهديد إسرائيل أو مهاجمتها.
وأضاف روبيو أنه “لا يمكن أن يكون هناك سلام فيما لو ظلت حماس تمتلك القدرات العسكرية اللازمة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل أو تنفيذ عمليات مشابهة لهجوم السابع من أكتوبر”. وأشار إلى أن هذا الأمر يتطلب تعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك إسرائيل وحماس والوسطاء الدوليين.
يؤكد روبيو أيضًا على أهمية وجود اتفاق بين الطرفين، وأن يتوفر مجال لتنفيذ هذه الخطوات، مؤكدًا أيضًا أن واشنطن لا يمكنها إتمام هذه المهمة وحدها، بل تعتمد على شركاء كثر.
المرحلة التالية: مجلس السلام وقوة الاستقرار الدولية
بالإضافة إلى نزع سلاح حماس، تركز الجهود الحالية على إنشاء مجلس سلام وتشكيل مجموعة فلسطينية “تكنوقراط” تتمتع بالكفاءة والخبرة اللازمة لإدارة شؤون القطاع. كما يتم العمل على إنشاء قوة استقرار دولية، للإشراف على الوضع الأمني في غزة ومنع عودة العنف.
وأشار روبيو إلى أن تنفيذ هذه المراحل سيستغرق وقتًا طويلاً، وقد يمتد إلى ما بعد السنوات الثلاث المقبلة. واعتبر أن هذه العملية تمثل “التزامًا طويل الأمد يمتد عبر أجيال”، وأن الإدارة الحالية تسعى إلى وضع الأسس اللازمة لكي تتمكن الإدارات اللاحقة من البناء عليها.
التحديات المحتملة والمسار الوظيفي
لا يخفي روبيو التحديات التي قد تواجه عملية السلام، مشيرًا إلى أن المسار لن يكون “مستقيمًا وسهلًا”، وأن هناك احتمالًا لحدوث تقلبات وأيام جيدة وأخرى صعبة. ومع ذلك، أعرب عن تفاؤله الحذر بشأن إمكانية تحقيق تقدم، مؤكدًا على وجود “الأشخاص المناسبين على الطاولة الذين يملكون الدوافع الصحيحة”.
الخلاصة: آفاق السلام في غزة بين التحديات والأمل
تمثل التصريحات التي أدلى بها ماركو روبيو بشأن نزع سلاح حماس وضرورة المضي قدمًا في خطة ترمب لإعادة إعمار غزة، محاولة أمريكية جديدة لإحياء عملية السلام في المنطقة. على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الجهود، إلا أن هناك بصيص أمل في إمكانية تحقيق تقدم نحو حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يتطلب ذلك تعاونًا حقيقيًا بين جميع الأطراف المعنية، والتزامًا طويل الأمد بتحقيق السلام والاستقرار في غزة والمنطقة بأكملها.












