اخر الاخبار

هجوم سيدني يعيد أستراليا إلى اختبار قوانين حيازة السلاح

جاء هجوم شاطئ بوندي المأساوي في مدينة سيدني، والذي أسفر عن سقوط ضحايا وإصابات، ليعيد إلى الواجهة النقاش الحاد حول قوانين حيازة السلاح في أستراليا. فقد كشفت التحقيقات أن أحد المهاجمين كان يمتلك رخصة سلاح وستة أسلحة مسجلة قانونًا، مما سلط الضوء على ثغرات لا تزال قائمة في النظام الحالي، وأثار تساؤلات حول مدى فعالية الإجراءات المتخذة بعد مذبحة بورت آرثر الشهيرة.

مذبحة بورت آرثر والإصلاحات التاريخية

قبل حوالي ثلاثة عقود، هزت مذبحة “بورت آرثر” أستراليا بأكملها. في 28 أبريل 1996، قتل مسلح 35 شخصًا وأصاب 23 آخرين ببنادق شبه آلية في ولاية تسمانيا. كانت هذه الحادثة نقطة تحول في تاريخ البلاد، وأدت إلى إصدار اتفاقية الأسلحة الوطنية (NFA) التي فرضت قيودًا صارمة على حيازة السلاح، مما جعل أستراليا نموذجًا عالميًا في مجال مراقبة الأسلحة.

تفاصيل اتفاقية الأسلحة الوطنية

استجابةً للمذبحة، وعد رئيس الوزراء الأسترالي آنذاك، جون هوارد، بـ “تقوية قوانين السيطرة على الأسلحة بشكل كبير”. وبعد 12 يومًا فقط من المذبحة، أعلنت حكومة هوارد اتفاقية الأسلحة الوطنية، وهي مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات والأقاليم. تضمنت هذه الإجراءات:

  • حظر العديد من أنواع الأسلحة، بما في ذلك البنادق شبه الآلية وبنادق الصيد ذات التشغيل بالمضخة.
  • إطلاق برنامج إلزامى لشراء الأسلحة المسترجعة وتدميرها، حيث تم تسليم وتدمير أكثر من 650 ألف سلاح.
  • فرض متطلبات صارمة للترخيص، وفحوصات خلفية إلزامية، وفترة انتظار مدتها 28 يومًا قبل الشراء.
  • وضع حدود لمن يمكنه امتلاك السلاح، بما في ذلك حظر الرخصة لمن هم دون 18 عامًا.

الوضع الحالي لحيازة السلاح في أستراليا

على الرغم من هذه الإصلاحات، تشير بيانات المعهد الأسترالي للجرائم إلى أن بين يوليو 2023 ويونيو 2024 سجلت أستراليا 31 جريمة قتل بالأسلحة النارية بمعدل 0.09 لكل 100 ألف نسمة. والأكثر إثارة للقلق هو أن عدد الأسلحة المملوكة قانونًا تجاوز 4 ملايين سلاح، وهو رقم أعلى من الرقم المسجل قبل حملة التشديد في عام 1996. هذا الارتفاع يثير تساؤلات حول فعالية الرقابة على الأسلحة الحالية.

الثغرات المستمرة في النظام

يشير الخبراء إلى وجود عدة ثغرات في النظام الحالي. على الرغم من أن اتفاقية الأسلحة الوطنية لا تزال سارية، إلا أن بعض بنودها، بما في ذلك إنشاء سجل وطني موحد للأسلحة، لم تُنفذ بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، تختلف قوانين السلاح من ولاية إلى أخرى، مما يخلق ثغرات في الرقابة.

كما أن زيادة أعداد الأسلحة في أستراليا، وظهور أسلحة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد، يمثلان تحديات جديدة للسلطات. حركة المواطنين السياديين المتنامية، التي تؤمن بأنهم غير خاضعين للقوانين الوطنية، تضيف طبقة أخرى من التعقيد.

حادث بوندي وإعادة إشعال النقاش

أظهر هجوم شاطئ بوندي الأخير أن هناك فجوات في النظام. فقد كشفت الشرطة أن أحد المهاجمين كان يمتلك رخصة سلاح ترفيهية وستة أسلحة مسجلة، مما أعاد فتح النقاش حول فعالية القوانين الحالية. يخشى أنصار مراقبة الأسلحة من أن الوصول إلى الأسلحة ما يزال سهلاً للغاية، على الرغم من الإطار القانوني الذي تعتبره البلاد “معيارًا ذهبيًا”.

ردود الفعل الحكومية والمقترحات الجديدة

في أعقاب هجوم بوندي، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز عن نيته اقتراح تشديد قوانين حيازة السلاح، بما في ذلك الحد من عدد الأسلحة التي يمكن للأفراد حيازتها، والحصول على تراخيص لها. وأضاف أن تراخيص حمل السلاح لا يجب أن تكون دائمة، وأن هناك حاجة إلى آليات فحص وتوازن مناسبة.

الخلاصة

إن حادث بوندي المأساوي يمثل تذكيرًا مؤلمًا بأن قوانين حيازة السلاح ليست مضمونة، وأن هناك حاجة مستمرة إلى تقييم وتحديث هذه القوانين. على الرغم من أن أستراليا حققت نجاحًا كبيرًا في مراقبة الأسلحة بعد مذبحة بورت آرثر، إلا أن الثغرات المستمرة والتهديدات الجديدة تتطلب اتخاذ إجراءات إضافية لضمان سلامة المجتمع. من الضروري إجراء حوار وطني شامل حول هذه القضية، وإيجاد حلول فعالة تقلل من خطر العنف المسلح في أستراليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى