في انتظار “لقاء حاسم”.. “إحباط” أميركي من نتنياهو ومخاوف من استئناف الحرب على غزة

يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الإعلان عن “عدة مبادرات كبيرة” تتعلق بقطاع غزة في مطلع يناير المقبل، لكن نجاح هذه المبادرات يبدو مرتبطًا بشكل وثيق بمواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. هذا ما كشفه موقع “أكسيوس” الإخباري، مشيرًا إلى أن اللقاء المرتقب بين ترمب ونتنياهو في ميامي يوم الاثنين المقبل سيكون حاسمًا في تحديد مسار هذه المبادرات. يثير هذا التطور تساؤلات حول مستقبل اتفاق غزة، وعلاقة الإدارة الأمريكية بالإسرائيليين، وجهود تحقيق الاستقرار في القطاع.
ترمب يستعد لإطلاق مبادرات جديدة لغزة.. ونتنياهو مفتاح التنفيذ
وفقًا لمصادر في البيت الأبيض، فإن الإدارة الأمريكية قلقة من أن نتنياهو قد يكون “يُبطئ عملية السلام” وحتى أنه قد يعيد استئناف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. هذا القلق دفع فريق ترمب إلى السعي لإيجاد حلول جذرية، بما في ذلك الإعلان عن حكومة فلسطينية من التكنوقراط ونشر قوة دولية لضمان الاستقرار في القطاع. الهدف المعلن هو الانتقال السريع إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتي تشمل انسحاب القوات الإسرائيلية.
خلافات حول رؤية السلام: واشنطن وتل أبيب على خطين متوازيين
يبدو أن هناك فجوة متزايدة بين رؤية الإدارة الأمريكية لعملية السلام ورؤية نتنياهو. ففي حين يسعى فريق ترمب، بقيادة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف والمستشار جاريد كوشنر، إلى دفع عملية السلام قدمًا من خلال اتفاقيات محددة، يبدو نتنياهو أكثر تشدداً ويشكك في بعض جوانب هذه الاتفاقيات، خاصة فيما يتعلق بمسألة “نزع السلاح” من قطاع غزة.
هذه الخلافات ظهرت جليًا خلال اجتماع حديث بين نتنياهو والسيناتور ليندسي جراهام في تل أبيب، حيث أعرب نتنياهو عن تحفظاته على أفكار ويتكوف وكوشنر. ويأمل نتنياهو، بحسب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، في إقناع ترمب بوجهة نظره “الأكثر تشدداً” خلال لقاء ميامي.
دور الوساطة الإقليمية: مصر وقطر وتركيا في قلب المشهد
يعمل ويتكوف وكوشنر بشكل وثيق مع مصر وقطر وتركيا لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الاتفاقيات، وتمهيد الطريق للمرحلة الثانية من اتفاق غزة. هذه الدول الأربع تعتبر ضامنة للاتفاق، واجتماعها الأخير في ميامي، بحضور رؤساء وزراء ومسؤولي مخابرات، كان يهدف إلى وضع مطالب محددة أمام نتنياهو قبل لقائه مع ترمب.
من بين هذه المطالب، التأكيد على ضرورة التزام الجيش الإسرائيلي بوقف إطلاق النار وتجنب استهداف المدنيين، والمضي قدمًا في تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية قادرة على تولي مسؤولية الحكم في غزة.
“مجلس السلام” برئاسة ترمب: هل يتحقق الحلم؟
تدرس الإدارة الأمريكية إمكانية الإعلان عن تشكيل “مجلس السلام” برئاسة ترمب خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في وقت لاحق من يناير. يهدف هذا المجلس إلى الإشراف على عملية السلام في غزة، وتقديم الدعم للحكومة الفلسطينية الجديدة، والإشراف على عملية نزع السلاح.
ويشير مسؤولون في البيت الأبيض إلى أن عملية “نزع السلاح” ستكون تدريجية، بدءًا بالأسلحة الثقيلة مثل الصواريخ والقذائف، ثم الانتقال إلى الأسلحة الخفيفة، وأنها لن تقتصر على حركة حماس، بل ستشمل جميع الفصائل المسلحة في القطاع. كما ستكون الحكومة الفلسطينية الجديدة قادرة على طلب المساعدة من قوة الاستقرار الدولية في هذه العملية.
إحباط أمريكي من سياسات نتنياهو
يبدو أن الفريق الأعلى في إدارة ترمب بدأ يشعر بالإحباط من الإجراءات التي اتخذها نتنياهو، والتي يعتبرونها “تقوض وقف إطلاق النار الهش وتعرقل عملية السلام”. ويشير مسؤولون في البيت الأبيض إلى أنهم وجدوا أنفسهم في جدال مستمر مع الإسرائيليين حول قضايا تكتيكية مثل فتح معبر رفح وتوفير المساعدات الإنسانية للنازحين الفلسطينيين.
ويقول مسؤول في البيت الأبيض: “لقد خسر نتنياهو جميع كبار المستشارين في الإدارة. الشخص الوحيد المتبقي لديه هو الرئيس ترمب، الذي لا يزال يحبه، لكنه يريد أيضًا أن يرى اتفاق غزة يتحرك بشكل أسرع.”
مستقبل الضفة الغربية: ملف آخر على طاولة المفاوضات
بالإضافة إلى ملف غزة، من المتوقع أن يطرح ترمب خلال لقائه مع نتنياهو الأوضاع في الضفة الغربية، والمخاوف من انهيار السلطة الفلسطينية. وترغب الإدارة الأمريكية في المضي قدمًا في “خطة إصلاحية جذرية” للسلطة الفلسطينية، لكنها تؤكد أن هذه الخطة لن تنجح إذا استمر الإسرائيليون في تقويضها.
وتطالب الإدارة الأمريكية إسرائيل باتخاذ خطوات للحد من عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وإطلاق مليارات الدولارات من عائدات الضرائب الفلسطينية المحتجزة، والتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن توسيع المستوطنات.
هل ينجح ترمب في كسر الجمود؟
اللقاء المرتقب بين ترمب ونتنياهو في ميامي يمثل نقطة تحول حاسمة في مسار اتفاق غزة. فهل يتمكن ترمب من إقناع نتنياهو بتبني رؤيته لعملية السلام؟ أم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سينجح في التأثير على ترمب وإقناعه بوجهة نظره الأكثر تشدداً؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مستقبل غزة والمنطقة بأسرها. ويبقى السؤال الأهم: هل ستتحول المبادرات الأمريكية إلى واقع ملموس على الأرض، أم أنها ستظل مجرد وعود غير قابلة للتحقيق؟
الكلمات المفتاحية الثانوية:
- عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية
- الأوضاع في غزة
- الدور الأمريكي في الشرق الأوسط












