صور.. الأمطار تعرض النازحين في غزة للخطر مع منع دخول إمدادات الطوارئ

في ظل الظروف الإنسانية المأساوية التي يعيشها قطاع غزة، تزداد معاناة مئات الآلاف من النازحين في غزة مع حلول فصل الشتاء والأمطار الغزيرة. المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة دقت ناقوس الخطر، محذرة من خطر غرق الخيام والملاجئ المؤقتة التي يعيش فيها هؤلاء النازحون، وذلك بسبب منع إدخال المواد الأساسية اللازمة لحمايتهم. هذا الوضع يفاقم الأزمة الإنسانية القائمة ويهدد حياة الكثيرين، خاصةً الأطفال وكبار السن.
الوضع الكارثي للنازحين في غزة مع الأمطار الغزيرة
الأمطار الغزيرة التي اجتاحت قطاع غزة يوم الخميس الماضي لم تكن مجرد حدث طبيعي، بل كانت بمثابة كارثة إضافية على كاهل السكان الذين يعانون بالفعل من ويلات الحرب. فقد أدت الأمطار إلى غرق آلاف الخيام التي تؤوي عائلات فقدت منازلها، مما تسبب في أضرار جسيمة لممتلكاتهم وتهديد مباشر لصحتهم وسلامتهم.
وقد وثقت وزارة الصحة في غزة وفاة رضيعة بسبب البرد القارس، كما أفاد المكتب الإعلامي للحكومة بتوفي أو فقدان 12 شخصًا آخرين، وانهيار ما لا يقل عن 13 مبنى. الأرقام الرسمية تشير إلى أن أكثر من 27 ألف خيمة غمرتها المياه، لكن الخطر الحقيقي يكمن في العدد الهائل من النازحين في غزة الذين يعيشون في مناطق معرضة للسيول.
خطر السيول والأمراض المتفشية
تشير تقديرات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن ما يقرب من 795 ألف نازح يواجهون خطرًا وشيكًا بسبب السيول في المناطق المنخفضة المزدحمة بالأنقاض. هذه المناطق تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الآمنة، حيث يعيش الناس في ملاجئ عشوائية وغير مستقرة.
بالإضافة إلى خطر الغرق، يزداد القلق بشأن تفشي الأمراض بسبب الافتقار إلى الصرف الصحي وإدارة النفايات. المياه الراكدة والأوساخ المتراكمة تخلق بيئة مثالية لتكاثر الحشرات والبكتيريا، مما يعرض النازحين لخطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل الكوليرا والتيفوئيد والتهابات الجهاز التنفسي.
نقص الإمدادات يعيق جهود الإغاثة
أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الوضع هو القيود المستمرة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. المنظمة الدولية للهجرة أكدت أن المواد اللازمة لدعم أماكن الإيواء، مثل الأخشاب والخشب الرقائقي (الأبلكاش) وأكياس الرمل ومضخات رفع المياه، لا تزال تواجه تأخيرًا في الوصول إلى القطاع.
الإمدادات المحدودة التي تم إرسالها سابقًا، بما في ذلك الخيام المقاومة للماء والبطانيات الحرارية والأغطية البلاستيكية، لم تكن كافية لمواجهة حجم الدمار والاحتياجات المتزايدة. هذا النقص الحاد في الموارد يعيق جهود الإغاثة ويجعل من الصعب توفير الحماية الأساسية للنازحين.
قصص مروعة من داخل مخيمات النازحين
الواقع المرير للنازحين في غزة يتجسد في قصصهم اليومية. في مخيم للنازحين في النصيرات، وسط قطاع غزة، غمرت المياه الخيام، مما أدى إلى تلف المراتب والأحذية والملابس. يوسف طوطح، 50 عامًا، كان يحاول يائسًا إخراج المياه باستخدام دلو، لكنه لم يجد مكانًا لتصريفها.
“طول الليل أنا والولاد على رجلينا.. إذا أنا اللي كبير مش متحمل كيف الأطفال ها دي؟” قال طوطح بأسى. وأضاف، وهو يجر مرتبة مبتلة، “حتى أكلنا وشربنا اللي احنا بيستغيثونا فيه مضلش.. مضلش لا أكلنا ولا شربنا”. هذه الشهادة المؤلمة تعكس حجم المعاناة التي يعيشها النازحون في غزة، حيث أصبح حتى الحصول على الطعام والشراب تحديًا كبيرًا.
الحاجة الماسة إلى دعم إضافي
المنظمة الدولية للهجرة دعت إلى توفير دعم إضافي للنازحين في غزة، مؤكدةً أن الإمدادات الحالية غير كافية لمواجهة الفيضانات والأمراض. وذكرت إيمي بوب، مديرة المنظمة، أن العائلات تحاول جاهدة حماية أطفالها بكل ما لديها، لكنها تواجه صعوبات جمة بسبب نقص الموارد.
مسؤولون من الأمم المتحدة والفلسطينيون قدروا الحاجة إلى ما لا يقل عن 300 ألف خيمة جديدة لإيواء حوالي 1.5 مليون نازح لا يزالون في القطاع. منظمة الصحة العالمية حذرت أيضًا من المخاطر الصحية الناجمة عن التلوث، مشيرةً إلى أن أكثر من أربعة آلاف شخص يعيشون في مناطق ساحلية عالية الخطورة، وأن ألف شخص منهم يتأثرون بشكل مباشر بالأمواج العاتية.
تلوث المناطق الساحلية وتهديد الصحة العامة
أكد ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن آلاف العائلات لجأت إلى المناطق الساحلية المنخفضة المليئة بالحطام، والتي تفتقر إلى أنظمة الصرف الصحي والحواجز الوقائية، وتنتشر فيها أكوام القمامة على طول الطرق. هذا الوضع يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه والأمراض الجلدية والأمراض التنفسية.
الخلاصة: أزمة إنسانية تتطلب تدخلًا عاجلاً
الوضع الإنساني في قطاع غزة يزداد سوءًا مع كل يوم يمر. النازحون في غزة يواجهون خطرًا حقيقيًا بسبب الأمطار الغزيرة والسيول ونقص الإمدادات. هناك حاجة ماسة إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي لتوفير الحماية الأساسية والمساعدات الإنسانية اللازمة لإنقاذ حياة هؤلاء الأشخاص الذين يعانون بالفعل من ويلات الحرب. يجب إزالة القيود المفروضة على إدخال المساعدات والسماح بوصولها إلى المحتاجين دون تأخير. بالإضافة إلى ذلك، يجب تكثيف الجهود لتوفير أماكن إيواء آمنة وصرف صحي وإدارة النفايات لمنع تفشي الأمراض وحماية صحة السكان. ندعو الجميع إلى التبرع للمنظمات الإنسانية العاملة في غزة والمساهمة في تخفيف معاناة هؤلاء النازحين.












