اخر الاخبار

زيلينسكي يشترط “ضمانات أمنية محددة” في خطة السلام مع روسيا

في ظل استمرار الصراع الروسي الأوكراني، يزداد الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتقديم ضمانات أمنية واضحة وملموسة، تضمن مستقبل بلاده في حال التوصل إلى اتفاق سلام. طالب زيلينسكي مسؤولين أمريكيين وأوروبيين بتقديم هذه الضمانات، وذلك قبل اجتماع مرتقب في باريس يهدف إلى مناقشة خطة السلام المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. هذا الاجتماع، الذي يضم وفودًا من أوكرانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، يأتي في وقت حرج، حيث تتزايد المخاوف بشأن إمكانية تجدد العدوان الروسي.

مطالبة زيلينسكي بضمانات أمنية واضحة

أكد الرئيس زيلينسكي خلال اجتماع افتراضي ضم كبار المسؤولين الأمريكيين، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الحرب بيل هيجسيث، ومبعوث الرئيس ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين، بالإضافة إلى قيادات حلف الناتو، على أهمية وجود ضمانات أمنية قوية وفعالة. وحسب منشور له على منصة “إكس”، فإن النقاش كان “بناءً وعميقاً” حول الوثيقة الخاصة بـ ضمانات أمنية، وهي إحدى ثلاث وثائق يجري العمل عليها حاليًا.

جوهر الطلب الأوكراني

السؤال الرئيسي الذي طرحه زيلينسكي على الشركاء هو: “ما هي الإجراءات التي سيتخذها الشركاء إذا قررت روسيا شن عدوانها مرة أخرى؟”. هذا التساؤل يعكس القلق العميق في أوكرانيا من تكرار السيناريو الذي شهدته البلاد في عام 2014، والذي أدى إلى ضم شبه جزيرة القرم واشتعال الصراع في منطقة دونباس. الرئيس الأوكراني يصر على أن تكون الضمانات الأمنية مصحوبة بإجراءات محددة وواضحة، وليست مجرد وعود عامة.

تجربة مذكرة بودابست السلبية

أشار زيلينسكي إلى “تجربة سلبية” مع “مذكرة بودابست”، التي وقعت في عام 1994، والتي كانت تهدف إلى توفير الأمن لأوكرانيا مقابل التخلي عن ترسانتها النووية. وأوضح أن روسيا انتهكت هذه المذكرة بشكل متكرر، وتجاهلت التزاماتها الدولية الأخرى. هذه النقطة مهمة للغاية، حيث إنها تعكس عدم الثقة الأوكرانية في الوعود الروسية، وتؤكد على ضرورة وجود ضمانات من دول أخرى موثوقة. مذكرة بودابست أصبحت رمزًا للفشل في توفير الأمن لأوكرانيا، وهذا ما يسعى زيلينسكي لتجنبه في أي اتفاق سلام مستقبلي.

اجتماع باريس وخطة ترمب للسلام

من المتوقع أن يعقد مسؤولون أمريكيون وأوروبيون اجتماعًا في باريس يوم السبت لمناقشة خطة السلام التي يقترحها الرئيس دونالد ترمب. ووفقًا لمسؤولين في البيت الأبيض، فإن هذه الخطة تتضمن 20 بندًا، وقد تتضمن “خسائر إقليمية كبيرة وتنازلات أخرى” من جانب أوكرانيا.

ضغوط على زيلينسكي لقبول الخطة

يواجه زيلينسكي ضغوطًا متزايدة من الولايات المتحدة للقبول بخطة ترمب بسرعة. في المقابل، نصح القادة الأوروبيون بالتحلي بالصبر، وهو ما طمأن كييف، ولكنه أثار غضب بعض الأطراف في واشنطن. هذا التباين في المواقف يعكس التحديات التي تواجه عملية السلام، ويؤكد على أهمية التوصل إلى توافق بين جميع الأطراف المعنية. الهدف من اجتماع باريس هو محاولة إيجاد هذا التوافق حول خطة السلام المقترحة.

تحذيرات الناتو من عدوان روسي محتمل

في سياق متصل، حث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، مارك روته، الدول الأعضاء على سرعة تعزيز دفاعاتها، تحسبًا لـ “حرب قد تشنها روسيا” خلال 5 سنوات. هذا التحذير يعكس القلق المتزايد في الناتو بشأن التهديد الروسي، ويؤكد على أهمية الاستعداد لمواجهة أي طارئ. الناتو يرى أن تعزيز الدفاعات هو أفضل طريقة لردع روسيا ومنعها من شن أي هجوم جديد.

التطورات الميدانية

في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية، تشهد الجبهات القتالية في أوكرانيا تطورات ميدانية. نقل تلفزيون “آر تي” الروسي عن الجيش الروسي قوله إن القوات الروسية سيطرت على مدينة سيفيرسك الاستراتيجية في إقليم دونباس، بالإضافة إلى بلدتي كوتشيروفكا وكوريلوفكا. ولم تعلق كييف على هذه الأنباء حتى الآن. السيطرة على سيفيرسك تمثل تقدمًا هامًا للقوات الروسية في منطقة دونباس، وقد تؤثر على مسار المعارك في المستقبل. كما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الجيش الروسي يمتلك المبادرة الاستراتيجية بالكامل في منطقة العمليات.

الخلاصة

إن مطالبة الرئيس زيلينسكي بـ ضمانات أمنية قوية وواضحة تمثل نقطة تحول حاسمة في المفاوضات الرامية إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا. الاجتماع المرتقب في باريس يمثل فرصة هامة للتوصل إلى توافق حول خطة السلام المقترحة، ولكن التحديات كبيرة، والضغوط تتزايد على جميع الأطراف. في ظل التحذيرات المتزايدة من حلف الناتو بشأن إمكانية تجدد العدوان الروسي، يصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى إيجاد حل سياسي يضمن الأمن والاستقرار في أوكرانيا والمنطقة بأسرها. مستقبل أوكرانيا يعتمد على قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى اتفاق عادل ومستدام، يوفر الأمن الإقليمي ويمنع تكرار المآسي التي شهدتها البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى