اخر الاخبار

“حماس” تكشف وجه “أبو عبيدة”.. هذه قصة حذيفة سمير عبد الله الكحلوت

في خضم الأحداث المتسارعة في قطاع غزة، برز اسم “أبو عبيدة” كرمز للمقاومة الفلسطينية، وصوته المجلجل كنبض يعكس قوة وعزيمة كتائب القسام. ظهر هذا القائد الميداني، بوجهه الملثم وصوته الأجش، لأول مرة في عام 2002، ليصبح على مدار سنوات، الناطق الرسمي باسم الكتائب، ومحور اهتمام إعلامي كبير، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر. هذا المقال يسلط الضوء على حياة أبو عبيدة، مسيرته النضالية، ودوره المحوري في الأحداث الأخيرة، وصولاً إلى إعلان حركة حماس عن استشهاده.

من هو أبو عبيدة؟ الكشف عن هوية القائد الميداني

لطالما كانت هوية أبو عبيدة لغزاً محاطاً بالسرية، حيث اكتفى الظهور عبر وسائل الإعلام وهو يخفي ملامحه، مما زاد من هيبة شخصيته وجعلها محط أنظار العالم. في مساء الاثنين، كشفت حركة حماس عن هويته الكاملة، مؤكدة أنه حذيفة سمير عبد الله الكحلوت. هذا الإعلان جاء بعد فترة طويلة من التكهنات والتساؤلات حول هذا القائد الذي أصبح رمزاً للصمود في وجه العدوان الإسرائيلي.

النشأة والتعليم

تنحدر عائلة الكحلوت من مدينة المجدل (عسقلان) في جنوب غرب فلسطين التاريخية، لكن حذيفة ولد في 11 فبراير 1985 بمخيم جباليا، شمال قطاع غزة. نشأ في بيئة تعاني من الظروف القاسية للحياة في المخيمات، مما ساهم في تشكيل وعيه السياسي والمقاوم. التحق بالدراسة الثانوية وانضم إلى “الكتلة الإسلامية”، الجناح الطلابي لحركة حماس، ليتدرج بعدها في صفوف كتائب القسام، حيث تلقى تدريبات عسكرية وثقافية ودينية مكثفة. لم يكتفِ بذلك، بل سعى إلى تطوير نفسه علمياً، فحصل على درجة الماجستير في أصول الدين من الجامعة الإسلامية في غزة.

مسيرة أبو عبيدة النضالية وقيادته الإعلامية

بدأ أبو عبيدة مسيرته كمتحدث باسم كتائب القسام في عام 2002، ليصبح على مدار العقدين التاليين، الصوت الرسمي للكتائب في مختلف المناسبات. تميزت خطاباته بالجدية والعسكرية، بالإضافة إلى لمسة من روح الدعابة، مما جعله شخصية إعلامية محبوبة وموثوقة لدى الفلسطينيين. لم يكن مجرد متحدث، بل كان قائداً ميدانياً شارك في العديد من العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

إعلان اختطاف جلعاد شاليط

من أبرز المحطات في مسيرة أبو عبيدة النضالية، إعلانه عن عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006. جاء هذا الإعلان بعد اشتباكات مسلحة بين كتائب القسام وقوات الاحتلال، وأثار ضجة كبيرة في الأوساط الإسرائيلية والعالمية. أسفرت العملية عن إطلاق سراح أكثر من 100 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال، في صفقة تبادل عام 2012.

دور محوري في حرب غزة الأخيرة

مع اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر 2023، برز دور أبو عبيدة بشكل أكبر. أصبح بياناته المتلفزة المنتظمة، التي تتضمن تحديثات عن سير المعارك، وإعلان عن استهداف مواقع إسرائيلية، بمثابة مصدر رئيسي للمعلومات بالنسبة للفلسطينيين ووسائل الإعلام المحلية والإسرائيلية والعالمية. وفقاً لمصادر مطلعة في حماس، أصبح أبو عبيدة من القادة البارزين في القسام، وأحد المقربين من دائرة صنع القرار في المجلس العسكري الذي كان يقوده محمد الضيف. كان يعتبر “قريباً جداً من محمد الضيف وكبار القادة الآخرين” الذين استشهدوا خلال الحرب.

استشهاد أبو عبيدة وتداعياته

في 30 أغسطس 2024، أعلنت إسرائيل عن اغتيال أبو عبيدة في غارة جوية استهدفت مبنى في حي الرمال غرب مدينة غزة. اعتبرت إسرائيل هذه الضربة “قاتلة” لجهاز القسام الإعلامي. في البداية، التزمت حركة حماس الصمت، ولم تؤكد أو تنفِ خبر استشهاده، وذلك في إطار “سياسة ومنهجية” خاصة بها في الإعلان عن مقتل قادتها. لاحقاً، نعت حماس أبو عبيدة، بالإضافة إلى خمسة قادة آخرين من كتائب القسام، في بيان رسمي.

تعيين متحدث جديد باسم القسام

أعلنت حركة حماس عن تعيين متحدث جديد باسم كتائب القسام، والذي سيحتفظ بلقب “أبو عبيدة”، تكريماً للقائد الشهيد ودورِه البطولي. هذا الإجراء يعكس استمرار حركة حماس في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتجديد صفوفها القيادية. كما أكدت الحركة على أنها تواصل ملء الفراغات في أطرها القيادية، وفقاً لآلية تنظيمية محكمة.

أبو عبيدة، حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، سيظل في ذاكرة الشعب الفلسطيني رمزاً للمقاومة والصمود، وقائداً فقدته القضية الفلسطينية في وقت حرج. رحل القائد الملثم، لكن صوته سيظل يتردد في ساحات الوغى، وخطاباته تلهم الأجيال القادمة لمواصلة النضال من أجل الحرية والاستقلال. هذا الحدث يمثل خسارة كبيرة لحركة حماس وكتائب القسام، ولكنه في الوقت نفسه، يعزز من عزيمة المقاومين الفلسطينيين لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى