حكومات 19 دولة أوروبية تطالب المفوضية بتدابير أشد صرامة لمواجهة الهجرة

تضغط مجموعة من 19 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي على المفوضية الأوروبية لاتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وذلك في أعقاب اتفاق الأسبوع الماضي حول إصلاح قوانين اللجوء والعودة. هذا الضغط يعكس تحولاً في الأجواء السياسية في بروكسل ورغبة متزايدة في معالجة الأسباب الجذرية لتدفقات المهاجرين خارج حدود التكتل. وتعتبر هذه الدول أن الاتفاق الأخير يمثل فرصة لتعزيز التعاون مع دول المصدر والعبور، وتبني حلول جديدة للحد من الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
ضغط أوروبي لتقييد الهجرة من الخارج
تطالب الدول الـ 19 المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد، بتفعيل آليات جديدة للتعاون مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد، بهدف تقليل أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى دول التكتل. تشمل هذه الآليات إمكانية إرسال المهاجرين وطالبي اللجوء إلى “دول ثالثة” آمنة خارج الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى إنشاء “مراكز العودة” تهدف إلى تسريع عمليات إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية.
وقد وجه وزراء الداخلية والخارجية في هذه الدول رسالة مشتركة إلى المفوضية، أكدوا فيها أن الاتفاق الأخير بشأن اللجوء والعودة يمثل “خطوة مهمة”، لكنهم أضافوا أن “مواصلة تطوير استراتيجية متماسكة للاتحاد الأوروبي بشأن البعد الخارجي للهجرة، بما في ذلك الحلول الجديدة والمبتكرة، أمر بالغ الأهمية”. هذا التأكيد على “البعد الخارجي” يشير إلى التركيز المتزايد على معالجة أسباب الهجرة في بلدان المصدر، ومنع الوصول إلى الحدود الأوروبية في المقام الأول.
تفاصيل الاتفاق الأخير و”الحلول المبتكرة”
الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 8 ديسمبر يشمل مجموعة من القواعد الجديدة التي تهدف إلى إصلاح طريقة تعامل الاتحاد الأوروبي مع تدفقات الهجرة. من بين أبرز هذه القواعد إنشاء مراكز لمعالجة طلبات اللجوء في دول خارج الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل تحولاً كبيراً في السياسة الأوروبية.
وتركز الحكومات الآن على الضغط على المفوضية لتفعيل “الحلول المبتكرة” التي تم التلميح إليها في الاتفاق. يشمل ذلك تسريع الإجراءات المتعلقة بـ “مراكز العودة” والشراكات الجديدة مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. يؤكد المؤيدون لهذه الحلول أنها يمكن أن تجعل سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي أكثر فعالية من خلال تقليل الضغط على الدول الأعضاء وتوفير بدائل آمنة للمهاجرين.
دور “محادثات الإفطار” في تشكيل الرؤية الأوروبية
تلعب سلسلة “محادثات الإفطار” غير الرسمية، التي أطلقتها رؤساء وزراء إيطاليا والدنمارك وهولندا في يونيو 2024، دوراً متزايد الأهمية في تشكيل الرؤية المتعلقة بالهجرة في بروكسل. ومن المقرر أن يتم التطرق إلى طلب الدول الـ 19 بشكل بارز خلال هذه المحادثات قبل قمة الاتحاد الأوروبي المقرر عقدها هذا الأسبوع.
التمويل والتوسع في صلاحيات فرونتكس
يشكل التمويل أحد أهم التحديات التي تواجه تنفيذ هذه “الحلول المبتكرة”. ترى الدول الموقعة على الرسالة أن هذه الحلول ستظل مجرد أفكار نظرية ما لم يتم توفير مسارات تمويل واضحة ومحددة. وتحث المفوضية على إصدار مبادئ توجيهية بشأن كيفية تعبئة الأموال الأوروبية الحالية والمستقبلية لدعم هذه المبادرات.
بالإضافة إلى التمويل، تسعى الحكومات إلى توسيع صلاحيات وكالات الاتحاد الأوروبي المعنية بالهجرة، وعلى رأسها الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس). وتدعو الرسالة إلى دراسة “التغييرات التشريعية والسياسية اللازمة”، بما في ذلك “مراجعة تفويض واختصاصات وكالة فرونتكس، لضمان الدعم الفعال والقدرة الكافية” بالتعاون مع دول أخرى. هذا التوسع المقترح في صلاحيات فرونتكس يهدف إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على مراقبة الحدود الخارجية ومنع الهجرة غير القانونية.
توحيد الموقف الأوروبي وأهمية الدبلوماسية
تؤكد الرسالة أيضاً على أهمية توحيد الموقف الأوروبي في التعامل مع قضية الهجرة. ويكتب الوزراء أن “من الضروري وجود رؤية مشتركة، وتواصل دبلوماسي مشترك من قبل الدول الأعضاء والدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية”، وحثوا بروكسل على إدراج مسألة الهجرة في القمم والحوارات مع الدول الشريكة. هذا التأكيد على الدبلوماسية يعكس إدراكاً بأن معالجة أسباب الهجرة تتطلب تعاوناً وثيقاً مع دول المصدر والعبور.
الخلاصة: تحول في السياسة الأوروبية تجاه الهجرة
يمثل الضغط المتزايد من الدول الـ 19 على المفوضية الأوروبية تحولاً ملحوظاً في السياسة الأوروبية تجاه السيطرة على الهجرة. فبعد سنوات من الجدل والانقسام، يبدو أن هناك توافقاً متزايداً على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة. سيكون من المثير للاهتمام متابعة رد فعل المفوضية على هذه المطالب، وكيف ستترجم هذه المطالب إلى سياسات وإجراءات ملموسة على أرض الواقع. هذا التطور يثير تساؤلات مهمة حول مستقبل سياسة الهجرة في أوروبا، وتأثيرها على المهاجرين والدول الأعضاء على حد سواء.
اقرأ أيضاً:
- البيانات البيومترية بدلاً من جواز السفر.. الاتحاد الأوروبي يبدأ نشر نظام الحدود الرقمي
- 15 دولة أوروبية تبحث عن “حلول” لنقل المهاجرين إلى خارج الاتحاد












