تقرير رقابي: وزير الدفاع الأميركي عرّض معلومات حساسة للخطر عبر “سيجنال”

في تطور يثير القلق حول أمن المعلومات في وزارة الدفاع الأمريكية، كشف تقرير صادر عن جهاز الرقابة الداخلي في “البنتاجون” عن مخالفات خطيرة ارتكبها وزير الدفاع السابق، بيت هيجسيث. يتعلق الأمر بتعريض معلومات عسكرية حساسة للخطر، وربما تهديد سلامة الجنود الأمريكيين، من خلال مشاركة تفاصيل عمليات سرية في اليمن عبر تطبيق المراسلة المشفر “سيجنال”. هذا التسريب، الذي تم في وقت سابق من هذا العام، يضع علامات استفهام حول البروتوكولات الأمنية المتبعة داخل أعلى مستويات الحكومة الأمريكية.
تفاصيل تقرير الرقابة الداخلي حول تسريب المعلومات العسكرية
أكد التقرير، وفقًا لمصادر في شبكة CBS NEWS، أن هيجسيث انتهك بشكل واضح لوائح وزارة الدفاع المتعلقة باستخدام الأجهزة الشخصية في التعامل مع أمور رسمية. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل قام بنقل معلومات عسكرية حساسة إلى مسؤولين كبار في إدارة الرئيس دونالد ترامب، بالإضافة إلى جيفري جولدبيرج، رئيس تحرير مجلة “ذي أتلانتيك”.
تصنيف المعلومات المسربة وأبعاد الخطر
المعلومات التي شاركها هيجسيث لم تكن عادية، بل كانت مستمدة من بريد إلكتروني سري للغاية يحمل تصنيف “سري/غير قابل للمشاركة مع الأجانب”. هذا التصنيف يعني أن الكشف عن هذه المعلومات قد يتسبب في “ضرر بالغ” للأمن القومي، ويعرض حياة العسكريين للخطر. كما أن وسم “NOFORN” يشدد على حظر مشاركة هذه المعلومات مع أي جهة أجنبية، حتى الحلفاء المقربين.
الخطر الأكبر الذي سلط التقرير الضوء عليه هو إمكانية اعتراض هذه المعلومات من قبل خصوم أجانب، مما قد يؤثر بشكل مباشر على سلامة القوات الأمريكية ونجاح مهامها العسكرية. وبالتالي، فإن هذا الحادث لا يتعلق فقط بانتهاك البروتوكولات، بل بتهديد حقيقي للأمن القومي.
ردود الفعل والتحقيقات الجارية
أُرسل إصدار سري من تقرير المفتش العام إلى الكونجرس يوم الثلاثاء، ومن المتوقع نشر نسخة غير منقحة يوم الخميس. وقد أثار هذا التقرير جدلاً واسعاً، خاصة بعد تصريحات سابقة من بعض مسؤولي إدارة ترامب بأن المعلومات التي تم تداولها في دردشة “سيجنال” لم تكن سرية.
غارات الصومال وقانون حرية المعلومات
في أعقاب نشر تقرير مجلة “ذي أتلانتيك” بيوم واحد، نفذت القيادة الأمريكية في إفريقيا، بالتنسيق مع الحكومة الصومالية، غارات جوية استهدفت عناصر مرتبطة بتنظيم “داعش” في جبال جوليس. هذا التزامن أثار تساؤلات حول ما إذا كانت المعلومات المسربة قد لعبت دوراً في توقيت أو تفاصيل هذه الغارات.
سعت شبكة CBS NEWS إلى التحقق من هذه الشكوك من خلال تقديم طلب بموجب قانون حرية المعلومات للحصول على تفاصيل حول الغارة في الصومال. لكن الرد الذي تلقته في سبتمبر كان قاطعاً: المعلومات لا تزال مصنفة وسرية، وأن نشرها “قد يضر بالأمن القومي”. هذا التأكيد من قبل الجنرال ماثيو ترولينجر، رئيس أركان القيادة، يعزز خطورة الموقف ويدعم نتائج تقرير الرقابة الداخلي.
تطبيق “سيجنال” وأمن الاتصالات الحكومية
هذا الحادث يثير أيضًا تساؤلات حول استخدام تطبيقات المراسلة المشفرة مثل “سيجنال” من قبل المسؤولين الحكوميين. في حين أن هذه التطبيقات توفر مستوى عالٍ من الخصوصية والأمان، إلا أنها قد تشكل تحديات إضافية فيما يتعلق بالرقابة والتدقيق. كما أن هناك مخاوف بشأن إمكانية اختراق هذه التطبيقات من قبل جهات معادية، كما حدث مؤخرًا مع النسخة المعدلة “TM SGNL” والتي تم اختراقها في أقل من 20 دقيقة.
الدروس المستفادة والتوصيات المستقبلية
من الواضح أن هذا الموقف يتطلب مراجعة شاملة لبروتوكولات أمن المعلومات في وزارة الدفاع الأمريكية. يجب وضع إرشادات واضحة حول استخدام الأجهزة الشخصية وتطبيقات المراسلة في التعامل مع المعلومات السرية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز التدريب والتوعية الأمنية للمسؤولين الحكوميين لضمان فهمهم للمخاطر المحتملة وعواقب انتهاك البروتوكولات.
إن الحفاظ على الأمن القومي يتطلب التزامًا صارمًا بالمعايير الأمنية، حتى في عصر الاتصالات الرقمية المتطورة. هذا الحادث بمثابة تذكير بأهمية حماية المعلومات العسكرية الحساسة وتجنب أي سلوك قد يعرضها للخطر. كما أن التعامل مع تطبيقات المراسلة المشفرة يجب أن يتم بحذر شديد ووفقًا لإجراءات أمنية محددة.
في الختام، يمثل تسريب معلومات عسكرية حساسة من قبل وزير الدفاع السابق قضية خطيرة تتطلب تحقيقًا كاملاً وتدابير تصحيحية فعالة. يجب على الحكومة الأمريكية أن تتعلم من هذا الخطأ وأن تتخذ خطوات ملموسة لضمان عدم تكراره في المستقبل، وذلك لحماية أمنها القومي وسلامة قواتها المسلحة. نأمل أن يؤدي نشر النسخة الكاملة من التقرير إلى مزيد من الشفافية والمساءلة.












