ترمب يؤكد إحراز تقدم نحو إنهاء حرب أوكرانيا.. وتعهد أوروبي بدعم زيلينسكي

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومسؤولون أوروبيون وأوكرانيون “إحراز تقدم كبير” نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، خلال محادثات مكثفة في العاصمة الألمانية برلين. هذه التطورات تبعث على الأمل في إمكانية التوصل إلى حل سياسي للصراع الدائر منذ أكثر من عامين، وتعهد قادة أوروبا بدعم أي قرار يتخذه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن خطة السلام مع روسيا. المحادثات، التي شارك فيها أيضاً مسؤولون من فنلندا والنرويج والدنمارك وهولندا، تركزت على إيجاد أرضية مشتركة لإنهاء القتال وتأمين مستقبل مستقر لأوكرانيا.
## تطورات مفاجئة: هل اقترب السلام في أوكرانيا؟
عبّر ترمب، في كلمة له من البيت الأبيض، عن اعتقاده بأن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا بات “أقرب مما كنا عليه في أي وقت مضى”. وأشار إلى أنه أجرى “محادثة طويلة وجيدة جداً” مع زيلينسكي وقادة أوروبيين، واصفاً المحادثات التي جرت في برلين بأنها “مذهلة”، خاصة فيما يتعلق بروسيا وأوكرانيا. هذا التقارب في وجهات النظر يعكس رغبة متزايدة في إنهاء الصراع الذي له تداعيات إنسانية واقتصادية واسعة النطاق.
“الأمر يسير بشكل جيد جداً”، هذا ما أكده ترمب، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين تلقوا “دعماً هائلاً” من القادة الأوروبيين الذين أبدوا رغبة قوية في “إنهاء الأمر”. لكنه أشار أيضاً إلى أن هذه العملية ليست سهلة، وأن هناك تراجعات مفاجئة من كلا الطرفين في بعض الأحيان.
## مباحثات سرية مع روسيا وضرورة التوافق
لم يقتصر الأمر على المباحثات مع الجانب الأوكراني، فقد كشف ترمب عن تواصل بين المسؤولين الأميركيين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكداً أن الأخير أبدى أيضاً رغبة في إنهاء الحرب. وأضاف: “علينا أن نجمع موسكو وكييف على رأي واحد”. هذه التصريحات تثير تساؤلات حول طبيعة هذه المباحثات السرية وما إذا كانت ستؤدي إلى نتائج ملموسة.
وأوضح ترمب أن التحدي يكمن في إقناع الطرفين بالبقاء على المسار نفسه، مشيراً إلى أن روسيا وأوكرانيا قد يبديان استعداداً لإنهاء الحرب ثم يتراجعان فجأة. وأكد على أهمية “وضع الطرفين على الصفحة نفسها” من خلال بناء الثقة وتحديد ضمانات أمنية واضحة ومقبولة للجميع. الهدف، وفقاً لترمب، هو الوصول إلى “مسار يسير بشكل جيد جداً” مع “محادثات إيجابية للغاية”.
## الضمانات الأمنية والاقتراح الأوروبي للسلام
تولي الولايات المتحدة أهمية قصوى لملف الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وتعمل على تطويره بالتعاون الوثيق مع الدول الأوروبية. وأكد ترمب أن “أوروبا ستكون جزءاً أساسياً” من هذه الضمانات، التي تهدف إلى “تأمين ألا تندلع الحرب مجدداً”. هذا التركيز على الضمانات الأمنية يعكس إدراكاً كاملاً لأهمية معالجة الأسباب الجذرية للصراع وتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.
في سياق متصل، أعرب القادة الأوروبيون عن دعمهم الكامل لأي قرارات يتخذها زيلينسكي بشأن قضايا أوكرانية محددة، بما في ذلك خطة السلام المقترحة. جاء هذا الإعلان بعد اجتماع للزعماء الأوروبيين في برلين لمناقشة تفاصيل الاتفاق المحتمل، بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس. هذا التنسيق الأوروبي القوي يعزز موقف أوكرانيا التفاوضي ويزيد من فرص التوصل إلى حل سلمي.
## نافذة أمل: وقف إطلاق النار يصبح “ممكناً”
أبدى المستشار الألماني فريدريش ميرتس تفاؤلاً حذراً بشأن فرص تحقيق وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وقال، بعد استضافة ممثلين أوكرانيين وأوروبيين وأمريكيين في برلين: “لأول مرة منذ بدء الحرب، يمكن تصور إمكان وقف إطلاق النار”. وأضاف: “نريد أن نسير على طريق السلام مع الأوكرانيين وجيراننا الأوروبيين والولايات المتحدة”. هذه التصريحات تمثل تحولاً ملحوظاً في لهجة ميرتس، وتعكس اعتقاده بأن الأطراف المعنية قد باتت أكثر استعداداً للتسوية.
ولكن ميرتس شدد أيضاً على أن تسوية مسألة الأراضي لا تزال قضية محورية، وأكد على أن الشعب الأوكراني وحده هو من يمكنه أن يقرر بشأن التنازل عن أي جزء من أراضيه. وأشاد بالجهود التي بذلتها الولايات المتحدة في تقديم ضمانات قانونية ومادية قوية، واعتبرها “كبيرة حقاً”.
## الأراضي نقطة خلاف رئيسية وتحديات السلام
أكد زيلينسكي أن مسألة الأراضي لا تزال “قضية شائكة” في محادثات السلام، لكنه أعرب عن ثقته بأن الولايات المتحدة ستساعد كييف في التوصل إلى حل وسط مقبول. وأضاف أن أوكرانيا مستعدة للعمل على “اتفاق سلام قوي” وأن مفاوضيها سيواصلون التحدث إلى نظرائهم الأميركيين. موقف زيلينسكي يعكس إصراره على الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وهو مبدأ أساسي لا يمكن التنازل عنه.
وكشفت مصادر عن أن المفاوضين الأميركيين أصروا على ضرورة موافقة أوكرانيا على سحب قواتها من منطقة دونيتسك، معتبرين أن هذه المسألة تمثل أولوية قصوى بالنسبة لروسيا. لكن الوفد الأوكراني رد بأن هناك حاجة إلى مزيد من المناقشات حول هذه القضية الحساسة.
## تقدم حقيقي ومسودة اتفاق “بنسبة 90%”
على الرغم من التحديات القائمة، أكد كبير المفاوضين الأوكرانيين، رستم عمروف، أن المحادثات حققت “تقدماً حقيقياً”. وأوضح أن المفاوضات الأوكرانية الأميركية كانت “بناءة ومثمرة”، وأن هناك أملاً في التوصل إلى اتفاق يقرّب الأطراف من السلام بحلول نهاية اليوم.
في غضون ذلك، كشف مسؤول أميركي أن المحادثات توصلت إلى “توافق حول عدد من القضايا الحاسمة”، وأن المفاوضين أعدوا مسودة اتفاق من 3 صفحات تتناول القضايا الأساسية “على نحو 90% من هذه القضايا”. وأضاف أن المسودة تتضمن توفير “ضمانات قوية للغاية” على غرار المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
## خطوات مستقبلية وقمة أوروبية حاسمة
الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، الذي شارك في المحادثات، أعرب عن تفاؤله الحذر، معتبراً أننا قد نكون “أقرب إلى اتفاق سلام مما كنا عليه في أي وقت مضى”. وأشار إلى أن الأطراف تعمل على ثلاث وثائق رئيسية: إطار خطة سلام من عشرين بنداً، ووثيقة تتعلق بالضمانات الأمنية، ووثيقة ثالثة حول إعادة إعمار أوكرانيا.
وستعقد قمة للاتحاد الأوروبي يوم الخميس المقبل للبتّ في إمكانية توفير قرض ضخم لأوكرانيا باستخدام الأصول المجمدة من البنك المركزي الروسي. هذه الخطوة ستعزز الاقتصاد الأوكراني وتساعد في جهود إعادة الإعمار، وسترسل رسالة قوية إلى روسيا بأن أوروبا مصممة على دعم أوكرانيا حتى تحقيق السلام والاستقرار.
بشكل عام، تشير التطورات الأخيرة إلى وجود زخم جديد نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، وخاصة فيما يتعلق بمسألة الأراضي والضمانات الأمنية. النجاح في التغلب على هذه التحديات سيتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة وتعاوناً وثيقاً بين جميع الأطراف المعنية. إن المفاوضات الجارية تمثل فرصة تاريخية لتحقيق السلام في أوروبا، ولا ينبغي تفويتها.












