تايلندا تعلن حظر تجول مع توسّع القتال على الحدود مع كمبوديا

أعلنت تايلندا حظر تجول في إقليم ترات، جنوب شرقي البلاد، في تصعيد جديد للتوترات الحدودية مع كمبوديا. يأتي هذا الإجراء بعد أيام قليلة من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن الاشتباكات استمرت وتصاعدت لتصل إلى المناطق الساحلية المتنازع عليها. هذا النزاع الحدودي المستمر بين البلدين يثير قلقاً إقليمياً ودولياً، ويسلط الضوء على هشاشة الهدنة التي سعى ترمب للوساطة فيها.
تصعيد القتال وحظر التجول في ترات
أعلنت السلطات التايلندية، الأحد، فرض حظر تجول في خمسة أحياء بإقليم ترات، المجاور لكوه كونج، باستثناء الجزيرتين السياحيتين كوه تشانج وكوه كود. يأتي هذا القرار بعد امتداد القتال مع كمبوديا إلى المناطق الساحلية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار والقلق بين السكان المحليين. وكان الجيش قد فرض بالفعل حظر تجول في إقليم ساكيو الشرقي، ولا يزال هذا الحظر سارياً.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع التايلندية، الأميرال سوراسانت كونجسيري، في مؤتمر صحفي: “بشكل عام، هناك اشتباكات مستمرة، منذ أن أكدت كمبوديا مجدداً انفتاحها على وقف إطلاق النار السبت”. وأضاف أن بلاده “منفتحة” على حل دبلوماسي، لكنها تشترط على كمبوديا “توقف العداء أولاً قبل أن نتمكن من التفاوض”.
تبادل الاتهامات وتدمير البنية التحتية
تصاعدت حدة التوتر بين البلدين مع تبادل الاتهامات المتبادلة ببدء القتال. القوات التايلندية أفادت أنها “دمرت جسراً تستخدمه كمبوديا لإيصال أسلحة ثقيلة وعتاد آخر إلى المنطقة”، وأنها شنت عملية استهدفت مدفعية كمبودية في مقاطعة كوه كونج الساحلية. في المقابل، اتهمت كمبوديا تايلندا بقصف البنية التحتية المدنية.
هذه الاتهامات المتبادلة تعكس حالة من عدم الثقة العميقة بين الجانبين، وتزيد من صعوبة التوصل إلى حل سلمي. النزاع الحدودي بين تايلندا وكمبوديا له تاريخ طويل ومعقد، وتجددت الاشتباكات بشكل متقطع على مدار السنوات الماضية.
تأثير النزاع على السكان المحليين
القتال المستمر يؤثر بشكل كبير على حياة السكان المحليين على جانبي الحدود. مئات الآلاف نزحوا من ديارهم بسبب الاشتباكات، ويعانون من نقص في الغذاء والمأوى والرعاية الصحية. حظر التجول المفروض في إقليم ترات يعيق حركة السكان ويعطل حياتهم اليومية.
جهود الوساطة الأمريكية وتعليق الاتفاق
على الرغم من جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للوساطة بين البلدين، إلا أن الهدنة التي أعلنها لم تصمد طويلاً. فقد أعلن ترمب، عقب اتصالات هاتفية مع رئيس الوزراء التايلندي أنوتين تشارنفيراكول ورئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت، عن اتفاق لوقف إطلاق النار اعتباراً من مساء الجمعة. لكن لم يؤكد أي من الزعيمين هذا الاتفاق في تصريحاتهما اللاحقة.
وقبل ذلك، توصل الطرفان إلى اتفاق في أكتوبر الماضي، تضمن آلية لسحب القوات والأسلحة الثقيلة والإفراج عن 18 أسير حرب كمبودياً. لكن تايلندا علقت هذا الاتفاق الشهر الماضي، بعد إصابة جندي تايلندي بجروح بالغة بسبب لغم أرضي، تتهم بانكوك كمبوديا بزراعته حديثاً. وتنفي كمبوديا هذه الادعاءات. هذا الخلاف حول الألغام الأرضية يمثل عقبة رئيسية أمام استئناف المفاوضات.
مواقف الطرفين وتصريحات المسؤولين
تعهد رئيس الوزراء التايلندي بمواصلة القتال “حتى نشعر بأن أرضنا وشعبنا لن يتعرضا لمزيد من الأذى والتهديدات”. في المقابل، أكد رئيس الوزراء الكمبودي على سعي بلاده إلى حل سلمي للنزاعات، لكنه نصح الولايات المتحدة وماليزيا باستخدام قدراتهما الاستخباراتية “للتحقق من الطرف الذي بدأ إطلاق النار أولاً”.
مستقبل النزاع والحلول الممكنة
مع استمرار تبادل إطلاق الصواريخ والمدفعية على طول الحدود المتنازع عليها، يزداد القلق بشأن مستقبل النزاع. من الواضح أن هناك حاجة إلى تدخل دولي مكثف لإعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات. يجب على الولايات المتحدة وماليزيا، اللتين لعبتا دوراً في الوساطة السابقة، أن يواصلتا جهودهما لإقناع الطرفين بالالتزام بوقف إطلاق النار والعودة إلى تنفيذ اتفاق كوالالمبور.
الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع المستمر وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. يتطلب ذلك بناء الثقة بين الجانبين ومعالجة القضايا العالقة بشكل عادل وشفاف. كما يتطلب ذلك التزاماً قوياً من المجتمع الدولي بدعم جهود السلام وتوفير المساعدة الإنسانية للسكان المتضررين. الوضع الحالي يتطلب حلاً سريعاً لمنع المزيد من التصعيد وتجنب كارثة إنسانية.












