بعد تقارير عن قاعدة روسية.. تحذير أميركي للسودان من “عواقب خطيرة”

في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وجهت الولايات المتحدة تحذيراً شديد اللهجة للسودان بشأن إمكانية منحه قاعدة بحرية لروسيا في بورتسودان. هذا التطور يثير مخاوف كبيرة في واشنطن، ويضع السودان في موقف حرج بين قوى إقليمية ودولية متنافسة. التحذير الأميركي يأتي بعد تقارير إعلامية كشفت عن مفاوضات بين الخرطوم وموسكو حول هذا الموضوع الحساس، مما يهدد بتغيير موازين القوى في منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية.
تحذير أميركي من “عواقب خطيرة” لمنح روسيا قاعدة بحرية في السودان
أعرب مسؤول في الإدارة الأميركية عن قلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن اتفاق محتمل بين السودان وروسيا لإنشاء منشأة بحرية روسية على الساحل السوداني. وأكد المسؤول أن الولايات المتحدة تولي هذه المسألة اهتماماً كبيراً، وحذر السودان من “العواقب الخطيرة” التي قد تترتب على هذا القرار.
وأضاف المسؤول: “نشجع جميع الدول، بما في ذلك السودان، على تجنب أي تعاملات مع قطاع الدفاع الروسي، لما قد يترتب على ذلك من عواقب خطيرة، بما في ذلك احتمال فرض عقوبات على الكيانات أو الأفراد المرتبطين بتلك التعاملات”. هذا التحذير يعكس قلقاً أميركياً عميقاً من تعزيز النفوذ الروسي في إفريقيا، خاصة في منطقة حساسة مثل البحر الأحمر.
تفاصيل العرض السوداني لروسيا
وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”، عرض السودان على روسيا إقامة أول قاعدة بحرية روسية في إفريقيا، في ميناء بورتسودان أو منشأة أخرى على البحر الأحمر لم يتم تحديدها بعد. العرض يتضمن اتفاقاً مدته 25 عاماً، يسمح لروسيا بنشر ما يصل إلى 300 جندي وإرساء 4 سفن حربية، بما في ذلك سفن تعمل بالطاقة النووية.
بالإضافة إلى ذلك، يقترح الاتفاق منح الكرملين أولوية الوصول إلى امتيازات تعدين مربحة في السودان، الذي يعد ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا. هذا العرض يمثل مكسباً استراتيجياً كبيراً لروسيا، التي تسعى إلى ترسيخ حضورها في القارة الإفريقية.
الأبعاد الاستراتيجية للقاعدة البحرية الروسية المحتملة
إن إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان يمثل تطوراً مقلقاً للولايات المتحدة، التي تسعى إلى منع روسيا والصين من السيطرة على الموانئ الإفريقية. هذه الموانئ يمكن استخدامها لإعادة تسليح السفن الحربية وصيانتها، أو لتهديد خطوط الملاحة الدولية.
موقع بورتسودان الاستراتيجي يتيح لروسيا مراقبة حركة الملاحة من وإلى قناة السويس، الممر الحيوي الذي يربط بين أوروبا وآسيا، ويمر عبره نحو 12% من التجارة العالمية. هذا الموقع يمنح روسيا نفوذاً كبيراً في منطقة حيوية، ويعزز قدرتها على التأثير في التجارة العالمية.
المقابل السوداني: أسلحة ودعم عسكري
في المقابل، يسعى الجيش السوداني إلى الحصول على منظومات دفاع جوي روسية متقدمة وأسلحة أخرى بأسعار تفضيلية، في ظل الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع. هذا الدعم العسكري الروسي يمكن أن يغير موازين القوى في الصراع السوداني، ويساعد الجيش السوداني على تحقيق التفوق العسكري. القاعدة البحرية الروسية في السودان قد تكون جزءاً من صفقة أوسع تشمل تبادل المصالح الاستراتيجية والعسكرية بين البلدين.
جهود الوساطة الدولية في السودان
في سياق متصل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نيته العمل على إنهاء الحرب في السودان، بعد طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. هذا الإعلان يعكس قلقاً دولياً متزايداً بشأن الأوضاع الإنسانية والأمنية المتدهورة في السودان.
رحب السودان بالجهود السعودية والأميركية لتحقيق السلام، معرباً عن أمله في أن تؤدي هذه الجهود إلى وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية. الأزمة السودانية تتطلب جهوداً دولية مكثفة لإيجاد حل سياسي شامل يضمن الاستقرار والأمن في البلاد.
مستقبل العلاقات السودانية الروسية
إن مستقبل العلاقات السودانية الروسية يظل غامضاً، ويتوقف على العديد من العوامل، بما في ذلك التطورات السياسية والعسكرية في السودان، والموقف الأميركي من هذه العلاقات. التعاون العسكري بين السودان وروسيا يثير قلقاً كبيراً في واشنطن، التي تسعى إلى الحد من النفوذ الروسي في إفريقيا.
من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغوط على السودان لتجنب أي تعاملات مع روسيا، وتقديم الدعم للمعارضة السودانية التي تعارض هذه العلاقات. في المقابل، قد يسعى السودان إلى تحقيق توازن بين مصالحه الخاصة وتطلعات القوى الإقليمية والدولية المتنافسة.
في الختام، يمثل التحذير الأميركي للسودان بشأن القاعدة البحرية الروسية المحتملة نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، ويضع السودان في موقف صعب. مستقبل هذه العلاقات سيعتمد على القرارات التي ستتخذها الخرطوم في الفترة القادمة، وعلى قدرتها على التوفيق بين مصالحها الخاصة وتطلعات القوى الإقليمية والدولية المتنافسة. من الضروري متابعة التطورات في السودان عن كثب، وفهم الأبعاد الاستراتيجية لهذه التطورات، لتقييم المخاطر والفرص المحتملة.












