انتقادات ترمب لزيلينسكي تستبق قمة لندن.. والأوروبيون يبحثون مصير مفاوضات السلام

يشهد العالم تحركات دبلوماسية مكثفة في محاولة لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية المستمرة. حيث تستضيف لندن لقاءات تجمع قادة من أوكرانيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، بهدف بحث سبل التوصل إلى اتفاق سلام بين موسكو وكييف. وتأتي هذه الجهود بالتوازي مع تصريحات سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، أعرب فيها عن خيبة أمله من رد فعل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تجاه مقترحات إنهاء الحرب، مما يضيف تعقيداً إضافياً على المشهد السياسي.
آخر تطورات الجهود الدبلوماسية والأميركية
في أعقاب محادثات استمرت ثلاثة أيام بين المفاوضين الأميركيين والأوكرانيين، والتي هدفت إلى تضييق الخلافات حول مقترح الإدارة الأميركية، انتقد ترمب زيلينسكي. وأشار إلى أن الرئيس الأوكراني لم يراجع المقترح حتى اللحظات الأخيرة، وهو ما اعتبره إعاقة للتقدم. جاء ذلك بعد إشادته بلقاء مبعوثيه ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، واصفاً إياه بـ “الجيد جداً”.
بوتين نفسه، على الرغم من عدم إعلانه الموافقة الصريحة على الخطة الأميركية، أكد أن هناك عملًا صعبًا لا يزال قائماً، وأن الخطة تتضمن تنازلات لا يمكن لروسيا قبولها، مما يعكس استمرار التباين في المواقف. هذه التصريحات خلقت جواً من التشكك حول إمكانية تحقيق تقدم سريع نحو حل دبلوماسي.
اجتماع لندن: محاولة أوروبية لإنقاذ المفاوضات
بينما تتصاعد التوترات، يسعى القادة الأوروبيون إلى إحياء عملية السلام من خلال اجتماعهم في لندن. يهدف هذا اللقاء الذي يجمع زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدرش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى إيجاد أرضية مشتركة وتجاوز “التعثر” الذي يواجه المفاوضات، وفقًا لتقارير وكالة بلومبرغ.
وزيلينسكي، بدوره، وصف محادثاته مع ممثلي الولايات المتحدة بأنها “بناءة، لكنها لم تكن سهلة”، في تصريحات له قبل توجهه إلى لندن. وأكد أن المسؤولين الأميركيين على دراية بالمواقف الأساسية لأوكرانيا. هذه المحادثات، إلى جانب الاتصالات رفيعة المستوى الأخرى، لم تسفر حتى الآن عن اختراقات حقيقية، حيث لا تزال الخلافات قائمة حول الضمانات الأمنية لكييف ومستقبل الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
تصريحات دونالد ترمب جونيور وتأثيرها المحتمل
بعيدًا عن المفاوضات الرسمية، أثارت تصريحات دونالد ترمب جونيور، ابن الرئيس الأميركي، قلقًا متزايدًا بشأن مستقبل الدعم الأميركي لأوكرانيا. ففي منتدى الدوحة، لمح إلى أن والده “قد ينسحب من دعم أوكرانيا” إذا لم تتوصّل إلى اتفاق سلام مع روسيا، منتقدًا ما وصفه بـ “الفساد المستشري” في كييف.
وأضاف ترمب جونيور أن الرئيس الأوكراني يواجه تحديات داخلية بسبب تحقيقات الفساد التي تطال مساعديه. هذه التصريحات، وإن كانت لا تمثل موقفًا رسميًا، تبعث برسائل مقلقة حول استقرار السياسة الأميركية تجاه الأزمة، وإمكانية تغيير الأولويات في حالة عودة ترمب إلى السلطة. السؤال المطروح الآن، هو ما إذا كان هذا التحذير سيؤثر على مسار الجهود الدبلوماسية الجارية.
العلاقة المعقدة بين ترمب وزيلينسكي
العلاقة بين ترمب وزيلينسكي لم تكن قط سلسة. فمنذ بداية الحرب، أبدى ترمب انتقادات صريحة لطريقة تعامل الإدارة الأوكرانية مع الأزمة، معتبراً أن الحرب تمثل إهدارًا لأموال دافعي الضرائب الأميركيين.
وقد وصل الخلاف إلى ذروته في فبراير الماضي، خلال لقاء متوتر بين الطرفين في المكتب البيضاوي، حيث تبادلا وجهات النظر أمامهما الصحافيين. وركز ترمب بشكل متكرر على ضرورة التوصل إلى اتفاق سريع، حتى لو كان ذلك يعني تنازل أوكرانيا عن بعض الأراضي. هذا الموقف يختلف بشكل كبير عن موقف الإدارة الحالية، التي تدعم أوكرانيا في سعيها لاستعادة أراضيها.
رد فعل روسيا والاستراتيجية الأمنية الجديدة
في سياق متصل، رحبت روسيا بالاستراتيجية الأمنية القومية الجديدة للولايات المتحدة، والتي تجنبت وصف موسكو بـ “التهديد المباشر”. واعتبر المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن ذلك يشكل “خطوة إيجابية” نحو تحسين العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، لا يزال موقف موسكو متصلبًا بشأن الأراضي المتنازع عليها، وتتهم كييف وحلفاءها بالمماطلة.
في الوقت ذاته، أكد المبعوث الأميركي المنتهية ولايته لأوكرانيا، كيث كيلوج، أن الجهود لإنهاء الحرب “في الأمتار العشرة الأخيرة”، مشيرًا إلى أن القضيتين الرئيسيتين المتبقيتين هما “الأراضي، وخاصة دونباس”، ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية. هذه التصريحات تعكس وجود بعض التقدم، ولكنها تؤكد أيضًا على التحديات الهائلة التي لا تزال تواجه المساعي الرامية إلى تحقيق السلام في أوكرانيا.
الخلاصة
في خضم هذه التطورات، تظل فرص التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا معلقة. تتطلب المهمة تضافر الجهود الدبلوماسية من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا وأوكرانيا. إن تصريحات ترمب جونيور والتوترات السابقة في العلاقة بين ترمب وزيلينسكي يلقيان بظلال من الشك حول استقرار الدعم الغربي لأوكرانيا. ومع استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية، تبقى المفاوضات هشة ومعرضة للتغييرات المفاجئة. من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب، وتقييم تأثيرها على مستقبل الأزمة الأوكرانية.












