المجلة” تكشف القصة الكاملة لوفاة لونا الشبل و”اختفاء” شقيقها.. وقاسم سليماني قال إنها “جاسوسة

في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها سوريا والمنطقة، تبرز قصة لونا الشبل، المستشارة الإعلامية المقربة من الرئيس بشار الأسد، والتي انتهت بشكل مأساوي في يوليو 2024. تكشف مجلة “المجلة” عن تفاصيل علاقتها المعقدة بالأسد، ملابسات “وفاتها” المفاجئة، واختفاء شقيقها ملهم وزوجته في ظروف غامضة، بالإضافة إلى وثيقة حوارية مسجلة بين قائد فيلق القدس قاسم سليماني ومدير مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، تلقي الضوء على شكوك وتحذيرات حول دور لونا الشبل. هذه القصة، وما تحمله من أبعاد سياسية وأمنية، تثير تساؤلات حول الدوائر الداخلية للسلطة السورية وتأثير الصراعات الإقليمية عليها.
## لونا الشبل: من الإعلام إلى قلب السلطة السورية
ولدت لونا الشبل في دمشق في الأول من سبتمبر عام 1974 لعائلة درزية. تركتها حياة مهتزة منذ الصغر، بعد أن انفصل والدها عن والدتها نايفة، الموظفة في حزب البعث والمعلمة في مدرسة حكومية، بسبب خلافات شخصية. قطعت لونا علاقتها بوالدها لسنوات طويلة، ولم يتجدد التواصل بينهما إلا قبل وفاته بفترة قصيرة. بدأت حياتها المهنية كناشطة حزبية في “طلائع البعث”، الجناح الشبابي لحزب البعث الحاكم، حيث أظهرت حماساً سياسياً مبكراً.
عملت الشبل في محل لتصميم بطاقات الزفاف أثناء دراستها للغة الفرنسية في جامعة دمشق، ثم انتقلت إلى التلفزيون السوري كمقدمة نشرات الأخبار. ترسخت قدمها في عالم الإعلام عندما انتقلت إلى قناة الجزيرة في أغسطس 2003، حيث التقت بزوجها المستقبلي، الإعلامي سامي كليب، وتزوجت منه عام 2008 وحصلت على الجنسية اللبنانية.
## العلاقة الخاصة ببشار الأسد وصعودها في الرئاسة
تتضارب الروايات حول كيفية تعرف لونا الشبل على الرئيس بشار الأسد، لكن المؤكد أن علاقة خاصة نشأت بينهما في عام 2008. بدأت الشبل بزيارة دمشق سرًا للقاء الأسد، قبل أن تعود للظهور في الإعلام من خلال قناة “دنيا” السورية الخاصة في ديسمبر 2011. أعلنت وقتها استقالتها من الجزيرة ورغبتها في وضع خبراتها تحت تصرف النظام السوري.
بدأت لونا العمل في مكتب الأمن الوطني برئاسة اللواء علي مملوك، ثم سرعان ما انتقلت إلى الرئاسة في فبراير 2012، لتتولى مسؤولية المكتب الإعلامي التابع للرئيس الأسد، والذي كانت تديره بثينة شعبان. هنا بدأ صراع خفي على النفوذ بين لونا وشعبان، حيث سعت كل منهما لكسب رضا الرئيس. نجحت لونا في إبعاد شعبان والعديد من المقربين من الأسد، وأصبحت تتمتع بنفوذ كبير عليه وعلى قراراته. لعبت دورًا هامًا في الوساطة بين النظام السوري وأطراف مختلفة، بما في ذلك لقاءات مطولة مع رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، قبل مغادرته دمشق.
## الشكوك والتهم: جاسوسة أم ضحية صراعات؟
على الرغم من صعودها السريع في هرم السلطة، لم تخلُ مسيرة لونا الشبل من الشكوك والتهم. حتى المقربين من الأسد، مثل ماهر الأسد، شقيق الرئيس وقائد الفرقة الرابعة، رفضوا استقبالها في مجالسهم، على الرغم من زواجها من عمار ساعاتي، المقرب من ماهر.
الأمر الأكثر إثارة للجدل هو التحذيرات التي تلقتها الرئاسة السورية من شخصيات نافذة، مثل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، بشأن لونا الشبل. وكشفت وثيقة مسربة لمجلة “المجلة” عن حوار دار بين سليماني وعلي مملوك في نهاية عام 2019، حيث تساءل سليماني عن راتب لونا الشبل، مستغربًا من قبولها راتبًا متواضعًا قدره 500 ألف ليرة سورية بعد أن كانت تتقاضى 10 آلاف دولار في الجزيرة، واصفًا إياها بـ “الجاسوس”. هذه الشكوك ازدادت حدة مع ظهور ثروة طائلة لونا الشبل في الفترة الأخيرة، حيث اشترت عقارات في دبي بقيمة 8 ملايين دولار، وامتلك زوجها شركة لتأجير السيارات ومحطة وقود.
## ملابسات الوفاة واختفاء شقيقها
في الثاني من يوليو 2024، تعرضت لونا الشبل لحادث سير مروع على طريق الديماس أثناء عودتها إلى منزلها. أدخلت المستشفى، لكنها توفيت في السادس من يوليو. ومع ذلك، أثارت صورة السيارة المصفحة التي كانت تقل لونا تساؤلات حول طبيعة الحادث، حيث بدت الأضرار طفيفة.
روى شهود عيان لمجلة “المجلة” أن سيارة أخرى اقتربت من سيارة لونا واصطدمت بها، ثم هاجمها شخص مجهول وضربها في مؤخرة الرأس، مما أدى إلى وفاتها. تزامن ذلك مع اعتقال شقيقها ملهم وزوجته نسرين محمد في 26 أبريل 2024، بعد اتهامهما بالعمل لصالح إسرائيل والتورط في اغتيال مستشارين إيرانيين في دمشق. لم يظهر ملهم مجددًا، ويُعتقد أنه قُتل في أحد الأفرع الأمنية.
## نهاية غامضة وتداعيات محتملة
أعلنت الرئاسة السورية عن وفاة لونا الشبل في بيان مقتضب، وأقيمت لها جنازة متواضعة. هذه النهاية المفاجئة، والتفاصيل الغامضة المحيطة بها، تثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء “وفاتها” واختفاء شقيقها. هل كانت لونا الشبل ضحية صراعات داخل السلطة السورية؟ أم أنها كانت بالفعل تعمل لصالح جهات خارجية؟ وما هي التداعيات المحتملة لهذه الأحداث على مستقبل العلاقات السورية الإيرانية؟
هذه الأسئلة تبقى معلقة، في انتظار المزيد من الكشف عن الحقائق المحيطة بقصة لونا الشبل، المستشارة الإعلامية التي صعدت بسرعة إلى قلب السلطة السورية، ثم سقطت بشكل مأساوي في خضم صراعات إقليمية معقدة.












