الكونجرس يتعهد بـ”رقابة صارمة” على عمليات البنتاجون في الكاريبي بعد ضربة مثيرة للجدل
بعد تقارير مروعة عن ضربة جوية أمريكية في البحر الكاريبي، أعلنت لجنتا القوات المسلحة في مجلسي الشيوخ والنواب بالولايات المتحدة عن التزامها بفرض رقابة صارمة على عمليات وزارة الدفاع في المنطقة. هذه الرقابة تأتي في أعقاب مزاعم بـ ضربات الكاريبي استهدفت ناجين كانوا يتشبثون بحطام قاربهم بعد غارة أولى، وهو ما وصفه مشرعون ومحامون بأنه “جريمة قتل”. وتثير هذه الأحداث تساؤلات جدية حول قواعد الاشتباك وسيادة القانون في العمليات العسكرية الأمريكية الخارجية.
تفاصيل الحادث المثير للجدل: ضربات الكاريبي والناجون
وفقًا لتقارير صحفية استقصائية نشرتها كل من “واشنطن بوست” وشبكة CNN، فإن الحادث وقع في الثاني من سبتمبر الماضي. استهدفت الغارة الأولية قاربًا يُشتبه في استخدامه لتهريب المخدرات قبالة ساحل ترينيداد وتوباجو. على الرغم من أن الصاروخ دمر القارب، إلا أنه لم يتمكن من قتل جميع من كانوا على متنه.
وبعد ذلك، وردت أنباء عن أمر صدر من وزير الدفاع لوك هيجسيث بـ “قتل الجميع”، مما دفع القوات الأمريكية إلى شن غارة ثانية استهدفت الناجين المتشبثين بحطام القارب. هذا الأمر، إذا ثبتت صحته، يمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني.
أمر “اقتلوا الجميع” وتداعياته
المعلومات التي تم تداولها تشير إلى أن قائد العمليات الخاصة، فرانك برادلي، أمر بشن الضربة الثانية بناءً على توجيهات هيجسيث، معتبرًا الناجين “أهدافًا مشروعة” بحجة أنهم قد يتواصلون مع مهربين آخرين لاستعادة شحنة المخدرات. وصف المحامون العسكريون السابقون هذا الفعل بأنه “جريمة قتل” وربما “جريمة حرب”، حتى في سياق مكافحة تهريب المخدرات.
رد فعل الكونجرس والتحقيقات الجارية
أثار هذا الحادث موجة من الغضب والاستياء في الكونجرس الأمريكي. النائب الديمقراطي سيث مولتون صرح لـ “واشنطن بوست” بأن “قتل ناجين جريمة صريحة، وسيتم محاكمة أميركيين بسبب هذا، سواء كجريمة حرب أو كجريمة قتل”.
وقد أكد رئيس اللجنة الجمهورية في مجلس الشيوخ، روجر ويكر، وأرفع ديمقراطي في اللجنة، السيناتور آدم سميث، في بيان مشترك التزامهم بـ الرقابة على عمليات وزارة الدفاع في منطقة البحر الكاريبي. وأضافا أن اللجنة تأخذ التقارير المتعلقة بالضربة اللاحقة على قارب تهريب المخدرات على محمل الجد، وتعمل على جمع معلومات كاملة حول الحادث.
سياق العمليات العسكرية الأمريكية في الكاريبي
منذ أشهر، يشن الجيش الأمريكي غارات جوية في البحر الكاريبي ضد قوارب يشتبه في ارتباطها بشبكات تهريب المخدرات. تأتي هذه العمليات في إطار جهود مكافحة تهريب المخدرات، وخاصةً الفنتانيل، الذي تعتبره الإدارة الأمريكية تهديدًا أمنيًا وقوميًا.
تصنيف الفنتانيل كسلاح كيميائي وتبرير الضربات
في محاولة لتبرير هذه العمليات، أصدرت وزارة العدل الأمريكية مذكرة سرية تصنف الفنتانيل كتهديد بسلاح كيميائي. وقد استخدمت هذه المذكرة كمبرر لتنفيذ ضربات عسكرية في البحر الكاريبي، وهو ما أثار جدلاً قانونيًا وأخلاقيًا. العديد من المراقبين يرون أن هذا التصنيف هو محاولة لتوسيع نطاق الصلاحيات العسكرية وتبرير تدخلات قد تكون غير قانونية.
استياء متزايد من غياب الشفافية
أعربت النائبة الديمقراطية مادلين دين عن قلقها الشديد بشأن عدد السفن التي دمرتها الإدارة الأمريكية دون أي تشاور مع الكونجرس. وأشارت إلى أن الوثائق السرية التي اطلعت عليها تشير إلى عمليات إغراق وقتل دون أي دليل واضح على ما يجري. هذا الغياب للشفافية يزيد من حدة الانتقادات الموجهة لوزارة الدفاع ويطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال.
تطورات لاحقة وتعديل البروتوكولات
بعد الضربة الأولى المثيرة للجدل، تم تعديل البروتوكولات العسكرية لإعطاء الأولوية لإنقاذ المشتبه بهم في تهريب المخدرات إذا نجوا من الغارات الأولية. ومع ذلك، لا تزال هناك تقارير عن حوادث مماثلة، مثل ضربة في 16 أكتوبر قتلت شخصين واحتجزت آخرين، وضربة أخرى في 27 أكتوبر قتلت 14 شخصًا وخلفت ناجيًا واحدًا لم يتم العثور عليه.
مستقبل الرقابة على العمليات العسكرية في الكاريبي
من المتوقع أن تواصل لجنتا القوات المسلحة في الكونجرس الأمريكي التحقيق في هذه الحوادث وتقديم تقارير مفصلة حولها. الهدف هو ضمان أن العمليات العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي تتم وفقًا للقانون الدولي والإنساني، وأن يتم محاسبة أي شخص يثبت تورطه في جرائم حرب أو جرائم قتل. هذه القضية تسلط الضوء على أهمية الرقابة البرلمانية على العمليات العسكرية، وضرورة الحفاظ على الشفافية والمساءلة في جميع الأوقات. كما أنها تثير تساؤلات حول فعالية استراتيجيات مكافحة المخدرات الحالية، والحاجة إلى إيجاد حلول أكثر استدامة وانسجامًا مع القيم الإنسانية. التحقيق في العمليات العسكرية السرية في الكاريبي سيحدد إلى أي مدى يمكن للجيش الأمريكي أن يعمل دون مساءلة.
