الذهب يواصل صعوده القياسي ويسجل 4530 دولاراً للأوقية

ارتفعت أسعار الذهب والفضة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، مسجلة مستويات قياسية جديدة. يعزى هذا الارتفاع القوي إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وضعف الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية المتعلقة بأسعار الفائدة. هذا المقال سيتناول بالتفصيل أسباب هذا الصعود التاريخي في أسعار الذهب والفضة، وتحليل العوامل التي تدعم هذا الاتجاه، بالإضافة إلى نظرة مستقبلية على أداء هذه المعادن النفيسة.
صعود تاريخي: الذهب والفضة يحطمان الأرقام القياسية
شهدت أسواق المعادن النفيسة ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار خلال الفترة الأخيرة. فقد ارتفع سعر الذهب في التعاملات الفورية بنسبة تصل إلى 1.2%، متجاوزًا حاجز 4530 دولارًا للأوقية، مسجلاً بذلك أعلى مستوى له على الإطلاق. بالموازاة، حققت الفضة قفزة مماثلة، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 4.5% لتتخطى 75 دولارًا للأوقية للمرة الأولى.
التوترات السياسية وتأثيرها على الأسعار
تلعب الأحداث الجيوسياسية دورًا حاسمًا في تحديد أسعار المعادن النفيسة. فقد ساهمت التوترات في فنزويلا، وتحديدًا تشديد الولايات المتحدة لحصارها على ناقلات النفط، في تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن للمستثمرين. وبالمثل، أدت الغارات الجوية الأمريكية في نيجيريا، والتي استهدفت تنظيم “داعش” وفقًا لتصريحات الرئيس الأمريكي، إلى زيادة الطلب على الذهب والفضة كمخزن للقيمة في أوقات عدم اليقين.
ضعف الدولار الأمريكي وعلاقته بالمعادن النفيسة
يعتبر ضعف الدولار الأمريكي عاملاً رئيسيًا يدعم ارتفاع أسعار الذهب والفضة. فقد انخفض مؤشر “بلومبرغ” الفوري للدولار بنسبة 0.8% خلال الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض له منذ يونيو. عادةً ما يتحرك سعر الذهب والفضة في اتجاه معاكس لحركة الدولار، حيث يصبح امتلاك هذه المعادن أكثر جاذبية للمستثمرين عندما تنخفض قيمة الدولار. هذا الارتباط السلبي يجعل أسعار المعادن النفيسة حساسة بشكل خاص لأداء الدولار.
العوامل الداعمة لموجة الصعود الحالية
لم يقتصر صعود الذهب والفضة على التوترات السياسية وضعف الدولار فحسب، بل ساهمت عوامل أخرى في تعزيز هذا الاتجاه الصعودي. فقد ارتفع سعر الذهب بنحو 70% هذا العام، بينما صعدت الفضة بأكثر من 150%، مما يجعلهما على وشك تحقيق أفضل أداء سنوي لهما منذ عام 1979.
مشتريات البنوك المركزية وتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة
شهدت مشتريات البنوك المركزية من الذهب زيادة ملحوظة في الفترة الأخيرة، مما ساهم في دعم الطلب على المعدن. بالإضافة إلى ذلك، تدفقت الأموال بشكل كبير إلى صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة (ETFs) المدعومة بالذهب، مما زاد من الضغط على المعروض ورفع الأسعار. على سبيل المثال، ارتفعت الحيازات في صندوق “إس بي دي آر جولد تراست” (SPDR Gold Trust) بأكثر من الخمس هذا العام.
خفض أسعار الفائدة وتأثيره على المعادن النفيسة
ساهمت قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات متتالية في دعم أسعار الذهب والفضة. تعتبر تكاليف الاقتراض المنخفضة عاملاً إيجابيًا للمعادن النفيسة، التي لا تدر عائداً، حيث تجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن بدائل للاستثمارات ذات الدخل الثابت. ويتوقع المتعاملون مزيدًا من خفض أسعار الفائدة في عام 2026، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
الفضة تتفوق على الذهب في الأداء
على الرغم من أن الذهب حقق مكاسب كبيرة، إلا أن أداء الفضة كان أكثر قوة. فقد شهدت خزائن لندن تدفقات كبيرة من الفضة منذ موجة الضغط في أكتوبر. ومع ذلك، لا يزال جزء كبير من الفضة المتاحة عالميًا موجودًا في نيويورك، في انتظار نتائج تحقيق تجريه وزارة التجارة الأمريكية بشأن ما إذا كانت واردات المعادن الحيوية تشكل تهديدًا للأمن القومي. قد يؤدي هذا التحقيق إلى فرض رسوم جمركية أو قيود تجارية على الفضة، مما قد يؤثر على أسعارها.
نظرة على الأسعار الحالية
في الوقت الحالي، بلغ سعر الذهب 4516.70 دولارًا للأوقية، بينما وصل سعر الفضة إلى 74.94 دولارًا. كما شهد البلاتين والبلاديوم ارتفاعًا ملحوظًا، حيث ارتفع البلاتين بنسبة 4.8% واقترب من أعلى مستوى له منذ عام 1987، وارتفع البلاديوم بنسبة 4%. هذه المؤشرات تؤكد استمرار قوة الاتجاه الصعودي في أسواق المعادن النفيسة.
في الختام، يشهد سوق الاستثمار في الذهب والفضة حاليًا فترة صعود تاريخية مدفوعة بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المدى القصير والمتوسط، خاصةً مع استمرار التوترات العالمية وتوقعات خفض أسعار الفائدة. ينصح المستثمرون بمتابعة تطورات الأسواق عن كثب وتقييم المخاطر قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. هل تفكر في إضافة المعادن النفيسة إلى محفظتك الاستثمارية؟ شاركنا رأيك في التعليقات!












